وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 342

فصلٌ [ 2 ]

ولا شبهةَ أنّ العلومَ تتفاضلُ ـ أيضا ـ في أنفسها . وأفضليّةُ بعضها على بعض إمّا بحسب شرف الموضوع ، أو بحسب تفاوت الغاية .
ولا يخفى أنّ العلوم الإسلاميّة أفضلُ ممّا عداها : أمّا الكلامُ فلشرف موضوعه وغايته . وأمّا باقي العلوم الإسلاميّة ـ من التفسير والحديث والفقه وما يتبع ذلك ـ فلما يترتّب عليها من المصالح والسعادة الدنيويّة والأُخرويّة .

۰.ويؤيّد ذلك ما رُوِّيْنا بطرقنا المتّصلة إلى محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن الحسن، وعليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن عُبيد اللّه بن عبد اللّه الدِهْقان ، عن دُرُسْت الواسطيّ ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن موسى عليه السلامقال :«دخل رسول اللّه صلى الله عليه و آلهالمسجد ، فإذا جماعةٌ قد أطافوا برجلٍ، فقال: ما هذا؟ فقيل : علاّمةٌ . فقال : وما العلاّمةُ ؟ فقالوا : أعلمُ الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيّام الجاهليّة والأشعار والعربيّة . فقال النبيُّ صلى الله عليه و آله : ذلك علمٌ لا يضرُّ مَنْ جهلهُ ، ولا ينفعُ مَنْ علمهُ . ثمّ قال النبيُّ صلى الله عليه و آله : إنّما العلمُ ثلاثةٌ : آيةٌ محكمةٌ ، أو فريضةٌ عادلةٌ ، أو سنّةٌ قائمةٌ ، وما خلاهنَّ فهو فضلٌ» ۱ .

فعلى هذا يكون الزائدُ عمّا يحتاجُ إليه في العلوم الإسلاميّة من المنطق والحكمة والعلوم الرياضيّة والأدبيّة وغير ذلك كلّهُ فضلاً لا يضرُّ مَنْ جهله ، ولا ينفعُ مَنْ علمهُ ، بنصّ الرسول والأئمّة عليهم الصلاة والسلام .
بل يكون الاشتغال به في مثل زماننا هذا سَفَها حراما على مَنْ لم يتفقّهْ في دينه ؛ لإفضائه إلى ترك الواجب ، كما لا يخفى على مَنْ يؤمنُ باللّه واليوم الآخر ، وإنْ كانتْ هذه العلومُ شريفةً في أنفسها ، فيكون الساعي فيها كذلك التارك لما يهمّه من أمر دينه

1.الكافي ۱ : ۳۲ ، كتاب فضل العلم ، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ، ح ۱ .

صفحه از 515