وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 354

تُشابَ الأحاديث بالأباطيل ؛ سمعتُ رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : «أنا الشجرةُ ، وفاطمةُ فرعها ، وعليٌّ لقاحها ، والحسنُ والحسينُ ثمرتها ، وشيعتنا ورقها ، وأصلُ الشجرة في جنّة عدنٍ ، وسائر ذلك في الجنّة» ۱ .
إنْ قلتَ : سلّمنا أنّ البارئ طهّر هؤلاء الخمسة ، فأمنتم وقوع الخطأ منهم ، وحكمتم بعصمتهم ، فمن أين علمتم عصمة الأئمّة التسعة الباقية ، حتّى اعتمدتم عليهم أيضا في أُمور دينكم؟
قلتُ : للإجماع المركّب ۲ ؛ فإنّ كلّ مَنْ قال بعصمة هؤلاء الخمسة قال بعصمة الباقين ، ومَنْ لا ، فلا ۳ . فالقول بعصمة الخمسة فقط يكون خرقا لإجماع الأُمّة ، وإذْ قد قام الدليل على عصمة الخمسة ثبت عصمة الجميع .
وأيضاً : قد ثَبَتَ عندنا نصُّ هؤلاء المطهّرين على عصمة مَنْ بعدهم واحداً واحداً ، ونصّ كلّ سابق على لاحقه مما يُعلم ثبوته ، ولا يُمترى فيه إلاّ كما يُمترى في المتواترات من أحوال الصحابة بعد النبيّ صلى الله عليه و آله .
ولو سلّمنا أنّهم غير معصومين،فهم مجتهدون لهم أهليّةُ الحلّ والعقد،كما لا ينكره مسلمٌ ، فعلى كلّ حالٍ لا يقصرُ التمسّكُ بمحمّد الباقر وجعفر الصادق وأولادهما ـ المجمع على عدالتهم وطهارتهم واجتهادهم ـ عن التمسّك بأبي حنيفة والشافعيّ .
فنحنُ على يقينٍ من أمرنا ، ولابدّ لخصومنا من القول بصحّة معتقدنا ، وهذا بحمد اللّه واضحٌ جليٌّ .

1.المستدرك للحاكم ۳ : ۱۶۰ .

2.في بعض النُسخ : «المراد بالإجماع المركّب هو أنّ الفرقة قائلون بعصمة باقي الأئمّة عليهم السلامكما هم قائلون بعصمة هؤلاء الخمسة ، وغير الشيعة والفرقة قائلون بعدم عصمة الجميع من الخمسة وغيرهم وهم المخالفون ، وهذا هو الإجماع المركّب ، ولا ثالث للفريقين قائلين بعصمة الخمسة وعدم عصمة الباقين ليكون خرقا لإجماع الأُمّة . من المؤلّف رحمه اللّه » .

3.أقول : ولا ينقض كلام المؤلّف بأنّ الزيديّة هم الفرقة الثالثة ، وهم قائلون بعصمة الخمسة ، دون غيرهم؟ فالجواب : أنّ مخالفتهم غير مؤثّرة ؛ لاعتمادهم في رأيهم هذا على ما يرتفع بأقلّ تأمّل ، فما نصبوه من الأدلّة على العصمة للخمسة الطاهرة لازمةٌ لجميع مَنْ يخلُف النبيّ صلى الله عليه و آله قرينا للقرآن المعصوم بالإجماع وبلا نزاع . ومن المعلوم أنّ المخالف للإجماع إذا عرفت شُبهته وأُزيحت فلا أثر لمخالفته .

صفحه از 515