وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 381

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما أنّ عمر قال للعبّاس وعليّ :
فلمّا تُوُفِّيَ رسولُ اللّه قال أبو بكر : أنا وليُّ رسول اللّه . فجئتما ؛ أنتَ تطلبُ ميراثَك من ابن أخيك ، ويطلبُ هذا ميراثَ امرأته ، فقال أبو بكر : قال رسول اللّه : «لا نُورّثُ ، ما تركناهُ صدقة» ، فرأيتماهُ كاذبا آثما غادرا خائنا ، واللّه إنّه لراشد تابع للحقّ .
ثمّ لمّا تُوُفِّيَ أبو بكر قال عمر : أنا وليُّ رسول اللّه ووليُّ أبي بكر ، فرأيتُماني كاذبا خائنا آثما غادرا ، واللّه يعلم أنّي لصادق بارٌّ تابع للحقّ ۱ .
ولم يعتذر العبّاسُ ولا عليٌّ عن هذا الاعتقاد ، ولا شبهةَ أنّ اعتقادَهُما حقٌّ ؛ لأنّ اللّهَ قد طهّر عليّا ، وجعل النبيُّ الحقَّ دائرا مع عليٍّ في قوله في حديث غدير خُمٍّ : «وأدِر الحقَّ مَعَهُ كيفما دارَ» ۲ وكما جاء في غيره أيضا .

فصلٌ

وفيهم مَنْ وَلّى أُمور المسلمين لمن ظَهَرَ منه الفسقُ والفسادُ ، ولا علم عنده؛ مراعاةً لحُرمة القرابة، وعدولاً عن مراعاة حُرمة الدين ، كالوليد بن عُقبة ، فشربَ الخمرَ حال إمارته ، وصلّى وهو سَكْرانُ ، والتفتَ إلى مَنْ خلفَهُ وقال : أزِيدُكُم في الصلاة ۳ .
وسعد بن العاص ، ظَهَرَ منه في الكوفة المناكرُ ، فتكلّموا فيه وفي عثمان وأرادوا خَلْعَ عثمان ، فعزله عنهم قهرا .
وعبيد اللّه بن أبي سَرْحٍ ظلم في مصر وغَشَمَ ، وتَكلّم فيهما أهلُ مصر ، فصرفه عنهم بمحمّد بن أبي بكر ، ثمّ كاتَبَهُ سِرّا بأن اسْتَمِرَّ على الولاية ، وأمرهُ بقتل محمّدٍ وغيره ممّن يَرِدُ عليه ، ولمّا ظفروا بذلك الكتاب كان أحدَ الأسباب في قتله ۴ .

1.صحيح البخاري ۴ : ۴۲و ۵ : ۲۳و۲۴ و۶ : ۱۹۰ و۸ : ۱۴۶ ؛ صحيح مسلم ۳ : ۱۳۷۹ ، باب ۱۵ ، ح ۴۹ .

2.الطرائف : ۱۰۲ ، ح ۱۴۹ .

3.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ۱۷ : ۲۳۳ ؛ الكامل في التاريخ ۳ : ۱۰ ؛ مروج الذهب ۲ : ۳۵۲ .

4.العقد الفريد للأندلسي ۴ : ۲۶۶ .

صفحه از 515