وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 386

مع أنّها طلبته من غير مَنْ هُوَ عليه ؛ لأنّ عليّا لم يحضرْ قَتْلَهُ إجماعا ولا أَمَرَ به ، كما رَوَوْهُ .
مع أنّها كانتْ من أكبر المؤلِّبين على قتل عثمان ، وكانت تقول : اقتلوا نعثلاً ، قتلَ اللّهُ نعثلاً! ولمّا بلغها قتلُه فرحتْ به ، فلمّا بايعوا عليّا أسندت القتلَ إليه ، وقامتْ تُطالبُ بدمه ؛ لبُغْضها عليّا ، وتبعها على ذلك ما يزيدُ على ستّة عشر ألفا ۱ .
وفاطمة عليهاالسلام لمّا جاءتْ تطالب بحقّ إرثها الذي جعله اللّهُ لها في كتابه ، وتطالب بنحلتها من أبيها ، وكانت محقّةً مطهّرةً ، لم يتْبعها مخلوقٌ ، ولم يساعدها بَشَرٌ .
فليعتبرْ في ذلك ذو اللبّ ، فإنّ فيه معتبَرا .
ثمّ إنّها جعلتْ بيتَ النبيّ مقبرةً لأبيها ولعمر ، وهما أجنبيّان ، فإنْ كان هذا البيت ميراثا وَجَبَ استئذانُ كلّ الوَرَثَة ، ولزم كذبُ أبي بكرٍ ، وإنْ كان صدقةً وَجَبَ استئذانُ المسلمين ، وإنْ كان ملكَ عائشة كذّبَها أنّها لم يكنْ لها ولا لأبيها في المدينة دارٌ .
وقد روى في الجمع بين الصحيحين أنّ النبي صلى الله عليه و آلهقال : «ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنّة» ۲ .
وروى الطبري : أنّ النبيَّ قال : «إذا غسّلتموني وكفّنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري» ۳ .
ولم يقلْ في الموضعين : بيت عائشة .
وقُتِلَ بسببها نحوُ ستّة عشر ألفا من الأنصار والمهاجرين وغيرهم .
وأفشتْ سرَّ النبيّ ، كما حكاه اللّهُ عنها .
ونقل الغزالي كثيرا من سوء صحبتها للنبيّ ، فروى أنّ أبا بكر دَخَلَ يوما على النبيّ ، وقد وَقَعَ في حقّهِ منها مكروهٌ ، فكلّفه النبيُّ أنْ يسمعَ ما جرى ويدخلَ بينهما ،

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ۶ : ۲۱۵ . ولسان العرب «نعثل» .

2.صحيح مسلم ۴ : ۱۲۳ .

3.مجمع الزوائد ۹ : ۲۵ ؛ كنز العمّال ۱۱ : ۴۶۸ ح ۳۲۱۹۸ .

صفحه از 515