وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 388

وكيفَ تركنُ النفسُ حينئذٍ إلى صدق باقي ما نقلوه؟!
ونحن بحمدِ اللّهِ قد أفادنا الكتابُ العزيزُ ، والسنّةُ الثابتةُ عندهم ، والأحاديثُ الصحيحةُ عندنا ـ الكثيرةُ المستفيضةُ ، بل المتواترةُ معنىً ـ والبراهينُ القاطعةُ المقرّرةُ في الكلام ، علما ضروريّا بعصمة الفرقة الأُولى ، فضلاً عن عدالتها ، وبكفر الفرقة الثانية ، فضلاً عن فسقها ، بحيثُ لا نشكّ فيه ولا نمتري .
ولو تنزّلنا وسلّمْنا أنّه في نفس الأمر ليس كذلك ، لم نكن مأثومين ؛ حيثُ إنّ هذا هو الذي أدّانا إليه اجتهادُنا «لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا»۱ .
والعجب! كيفَ جوّزوا الاجتهاد في تخلّف أبي بكر وعمر عن جيش أُسامة ، وقد لَعَنَ النبيُّ مَنْ تَخَلَّفَ عنه؟!
وفي إحراقهما بالنار عليّا وفاطمة والحسن والحسين ، وهم أهلُ البيت الذين طهّرهم اللّهُ وحَثَّ النبيُّ على التمسُّك بهم ، وأَكَّدَ في الوصيّة بهم؟!
وفي سفك الصحابة بعضهم دمَ بعضٍ ، وسفك طلحة والزبير وعائشة دماءَ الأنصار والمهاجرين ، وقتال أمير المؤمنين؟!
وفي قتال معاوية عليّا وسفك دمه ودم مَنْ معه من الأنصار والمهاجرين؟!
ولم يجوّزوا لأئمّتنا وأكابر علمائنا الاجتهاد في سبّهم ، والعدول عمّا نقلوه من أحكام الدين إلى ما نقلوه عن أهل البيت المطهّرين ، بعد ما نقلوه في شأن الفريقين من الأمر الواضح المبين؟؟!
ولمّا رأينا الإلهَ العظيمَ ورسولَهُ الكريمَ ، قد مَدَحا أهلَ البيت وأمرا بالتمسّك بهم كما ذكرناه ، وذمّا عامّةَ أصحابه ونصّا على ارتدادهم بعده بما نقلناه ؛ تمسّكنا بأهل البيت المطهّرين الذين أخبر النبيُّ أنّ المتمسّكَ بهم لن يضلَّ أبدا ، ونقلنا أحاديثهم وأخذنا معالم شرعنا عنهم ، ورفضنا عامّة أصحابه وطرحنا ما تفرّدوا بنقله ، إلاّ مَنْ علمنا منه الصلاح كسلمان والمقداد وعمّار بن ياسر وأبي ذرّ وأشباههم من أتقياء

1.سورة البقرة (۲) : ۲۸۶ .

صفحه از 515