وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 395

تكلّفناه فسبيلُهُ : أنْ نُراقبَ أنفسنا ، فإذا أُخبرنا بوجود شيءٍ خَبَرا متواليا ، فإنّ قولَ الأوّل يحرّكُ الظنَّ ، وقول الثاني والثالث يؤكّده ، وهَلُمَّ جرّا إلى أنْ يصيرَ ضروريّا .
وحديثُ الغدير متواترٌ عندنا ، وحديث «مَنْ كَذبَ عليَّ مُتعمِّدا فَلْيَتَبَوّأْ مَقْعَدَهُ من النار» متواترٌ عند العامّة ؛ لأنّه نقله عن النبيّ صلى الله عليه و آله الجمُّ الغفيرُ ، قيل : أربعون ۱ ، ثمّ لم يزَل العددُ في ازديادٍ على التوالي إلى يومنا هذا .
وحديث «إنّما الأعمال بالنيّات» ۲ غير متواتر ؛ وإن نقله الآن عدد التواتر وزيادة ؛ لأنّ ذلك طرأ عليه في وسط إسناده .
ومنها «آحاد» : وهو بخلافه . وهو ينقسم أوّلاً إلى : صحيح ، وحَسَن ، وموثّق ، وضعيف .
الأوّل : الصحيح
وهو : ما اتّصل سنده بالعدل الإمامي الضابط عن مثله ، حتّى يصل إلى المعصوم من غير شذوذٍ ولا علّةٍ .
ومَنْ رأينا كلامه من أصحابنا ، لم يَعتبر هذين القيدين ، وقد اعتبرهما أكثرُ محدّثي العامّة .
وعدم اعتبار الشذوذ أجود ؛ إذْ لا مانع أن يقال : «صحيح شاذّ ، أو شاذّ غير صحيح» ، وهو «المنكر» كما يأتي .
وأمّا «المُعَلَّل» فغير صحيح ؛ أمّا إذا كانت العلّةُ في السند فظاهرٌ ، وأمّا إذا كانت في المتن فكذلك ؛ لأنّ المتن حينئذٍ يكون غيرَ صحيح ؛ لما فيه من الخلل بالعلّة ، فيعلم أو يغلب على الظنّ أنّه ـ على ما هو عليه ـ ليس من كلامهم ، نعم يقال فيه : صحيح السند .
فالصحيح على هذا : ما صحّ سندُه من الضعف والقطع ، ومتنُه من العلّة .

1. ، وقيل : اثنان وستّون حكاه في مقدّمة ابن الصلاح : ۱۶۲ .

2.تهذيب الأحكام ۱ : ۸۳ ح ۲۱۸ ؛ الأمالي للطوسي : ۶۱۸ ح ۱۲۷۴ ، المجلس ۲۹ ؛ صحيح البخاري ۱ : ۳ ح ۱ ؛ صحيح مسلم ۳ : ۱۵۱۵ ـ ۱۵۱۶ ح ۱۹۰۷ ؛ سنن أبي داود ۲ : ۲۶۲ ح ۲۲۰۱ ؛ سنن ابن ماجة ۲ : ۱۴۱۳ ح ۴۲۲۷ .

صفحه از 515