لأنّه رواه بطريقٍ صحيح لم يقف عليه الآخرُ ، وإمّا لاعتقاده ثقة الراوي وعدم اعتقاد الآخر ذلك ، فيحكم كلّ واحدٍ بحَسَبِ ما وصل إليه ۱ .
الثالث : الموثّق
وهو من خواصّنا ؛ لأنّ العامّة يُدخلونه في قسم الصحيح . وهو عندنا : ما رواه مَنْ نصّ أصحابُنا على ثقته ، مع فساد عقيدته بوقف أو عاميّة أو شبههما ، وقد يُسمّى : «القويّ» .
وقد يراد بالقويّ مرويّ الإمامي غير الممدوح ولا المذموم .
قولي : «غير الممدوح ولا المذموم» خيرٌ من قول الشهيد وغيره : «غير المذموم» ۲ رواياته عن أبيه .
أصل [ 4 ]
هذا التقسيم الذي قسّمناه هو أصل التقسيم عند أصحابنا والعامّة لكن بإسقاط الموثّق .
وقد ينقسم إلى أقسام أُخرى باعتبار ما يعرض له ، فتختلف ألقابُه ، وهو أنواعٌ :
الأوّل : المقبول
وهو : ما تلقّاه العلماء بالقبول والعمل بمضمونه من أيّ الأقسام كان ، ويجب العمل بمضمونه عندهم ، وذلك كحديث عمر بن حنظلة ۳ .
الثاني : المشهور
وهو : ما زاد رواته على ثلاثة أو اثنين عند بعضهم ، ويسمّى : «المستفيض» أيضا ، وقد يُطلق على ما اشتهر العمل به بين الأصحاب .
1.في المخطوطة : «بَلَغَ قراءةً أيّده اللّه ُ تعالى» .
2.هو الشهيد الأول في ذكرى الشيعة ۱ : ۴۸ ، وانظر شرح البداية للشهيد الثاني : ص ۲۵ .مقتصرين عليه ؛ لأنّه يشمل الحسن ، فإنّ الإماميّ الممدوحَ غيرُ مذمومٍ.
وقد يراد بالقويّ أيضا : مرويّ المشهور في التقدّم غير الموثّق .
والأوّلُ هو المتعارفُ بين الفقهاء ، والمرادُ أنّه لم يشتمل على ضعفٍ ، وإلاّ كان ضعيفا ، كما تقدّم في الصحيح والحسن .
الرابع : الضعيف
وهو : ما لم يجمع صفة الصحيح أو الحَسَن أو الموثّق ؛ أعني ما في سنده مذمومٌ ، أو فاسدُ العقيدة غيرُ منصوص على ثقته ، أو مجهولٌ ، وإن كان باقي رجاله عدولاً ؛ لأنّ الحديث يتبع لقبُه أدنى رجاله .
تنبيه :
قد يُروى الحديث من طريقين حَسَنَيْنِ ، أو موثَّقين ، أو ضعيفين ، أو بالتفريق ، أو يُروى بأكثر من طريقين كذلك ، فيكون مستفيضا . وكيف كان ، لا شبهةَ أنّه أقوى ممّا رُوي بطريق واحدٍ من ذلك الصنف .
وهل يعادل في القوّة ما فوقه من الدرجة؟ لم أقف لأصحابنا في هذا على كلام .
وبعض العامّة حكم بأنّه لا يبلغ ، وبعضهم حكم ببلوغه .
والذي أقوله : إنّ هذا الأمر يختلف جدّا بحسب تفاوت الرواة في المدح ، وبحسب تكثّر الطرق وقلّتها ، وبحسب المتن من حيث موافقته لعمومات الكتاب أو السنّة أو عمل العلماء أو نحو ذلك .
فقد يساوي الحسنُ إذا تكثّرتْ طرقه الصحيحَ ، أو يزيد عنه إذا كان ذا مرجّحاتٍ أُخر ؛ لأنّ مدار ذلك على غلبة الظنّ بصدق مضمونه التي هي مناط العمل ، وإن كان لا يسمّى في العرف صحيحا .
واعلم أنّ ما يقارب الصحيح عندنا في الاحتجاج ما رواه عليّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ لأنّ أباه ممدوحٌ جدّا ، ولم نَرَ أحدا من أصحابنا نصَّ على ثقته ، ولكنّهم وثّقوا ابنه ، بل هو عندنا من أجلاّء الأصحاب ، وأكثر رواياته عن أبيه .
3.المروي في الكافي ۱ : ۶۸ ح ۱۰ ووسائل الشيعة ۱۸ : ۹۸ طبعة الربّاني ، وانظر شرح البداية للشهيد ۴۶ ـ ۴۷ ، ومنتقى الجمان ۱ : ۱۷ .