وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 402

وفي اشتراط «ثبوت اللقاء ، وطول الصحبة ، ومعرفته بالرواية عنه» خلافٌ بين المحدّثين .
والأصحّ عدم اشتراط شيء من ذلك ؛ لحمل المسلم على الصحّة .
وأمّا عندنا : فلا شبهة في اتّصاله ، بالشرطين المذكورين .
وقال بعض متأخّري العامّة : «قد كثر في زماننا وما قاربه استعمال عن في الإجازة» ۱ . وأمّا عندنا فالذي يظهر أنّه يستعمل في الأعمّ منها ومن القراءة والسماع .

الخامس : المسلسل

وهو : ما تتابع رجال إسناده على صفةٍ أو حالةٍ ؛ تارةً للرواة ، وتارةً للرواية .
قال الشيخ محيي الدين : «أنا أروي ثلاثة أحاديث مسلسلة بالدمشقيّين»حكاه عنه في الخلاصة في أُصول الحديث : 57 ؛ وتدريب الراوي 2 : 406 . .
وقد اعتنى العامّة بهذا القسم ، وقلّ أن يسلم لهم منه شيءٌ إلاّ بتدليس أو تجوّزٍ أو كذبٍ يُزيّنون به مجالسهم وأحوالهم .
وهو مع ندرة اتّفاقه عديم الجدوى ، وقد نقلنا عنهم منه أنواعا ، ك «المسلسل بالأوّليّة» و«التشبيك باليد» و«العدّ فيها» و«الضيافة» ونحو ذلك ، وقد يكون باتّفاق أسماء الرجال ، أو صفاتهم ، أو بصفات الرواية ك «المسلسل بِسمعتُ وأخبرنا» و«أخبرنا فلانٌ واللّهِ» ۲ .
وقد اعترف نقّادُهم بأنّه لا يكادُ يسلمُ من خللٍ ، حتّى حديث المسلسل بالأوّليّة تنتهي السلسلةُ فيه إلى سُفيان بن عُيَيْنة ، ومَنْ رواهُ مسلسلاً إلى مُنتهاهُ فقد وَهمَ ، كما اعترف به نقّادُهم .
وأمّا علماؤنا ومحدّثونا فهم أجلُّ شأنا وأثقلُ ميزانا من الاعتناء بمثل ذلك .

1.حكاه في المنهل الروي : ۴۸ ؛ وتدريب الراوي ۱ : ۲۱۶ . لاحظ بحثنا الواسع في «العنعنة» المنشور في مجلة علوم الحديث .

2.راجع معرفة علوم الحديث : ۲۹ ـ ۳۳ ؛ تدريب الراوي ۲ : ۱۸۷ ـ ۱۸۹ ؛ مقدّمة ابن الصلاح : ۱۶۶ .

صفحه از 515