وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 408

الخامس والسادس : المرسل ، [والمعْضَل]

و [المرسَلُ] هو : ما رواه عن المعصوم مَنْ لم يُدركه بغير واسطةٍ ، أو بواسطة نسيها ، أو تركها عمدا أو سهوا ، أو أبهمها ك «عن رجلٍ» أو «بعض أصحابنا» ؛ واحدا كان المتروك أو أكثر .
وقد اتّفق علماء الطوائف كلّها على أنّ قول كبراء التابعين : «قال رسول اللّه كذا» أو «فَعَل كذا» يُسمّى «مرسلاً» ، وبعض العامّة يخصّ «المرسل» بهذا ، ويقول : «إن سقط قبل النبيّ اثنان فهو منقطع ، وإن سقط أكثر فهو مُعْضَلٌ» ۱ .
والمشهور في الفقه وأُصوله أنّ الكلّ يُطلق عليه اسم «المُرْسَل» .
وقد اختلف العلماء في الاحتجاج به ، فقيل : يحتجّ به مطلقا . وقيل : لا مطلقا . وقيل : يحتجّ به إذا اعتضد بفحوى كتابٍ أو سنّةٍ متواترة ، أو عمومهما ، أو دليل العقل ، أو كان مقبولاً بين الأصحاب ، أو انضمّ إليه ما يؤكّده ، كأن جاء من وجهٍ آخر مسنَدا وإن لم يكن صحيحا ، فيكون له كالشاهد ، إذْ لو كان صحيحا كان العملُ به دون المرسل ، أو كان مُرسِلُه معلومَ التحرّز عن الرواية عن مجروح ، ولهذا قبلت الأصحابُ مراسيلَ ابن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن أبي نصر البَزَنْطيّ ؛ لأنّهم لا يُرْسِلون إلاّ عن ثقةٍ .
ولا بأسَ بذلك ، وإن كان في تحقّق ذلك نظرٌ ؛ لأنّ مستند العلم إن كان استقراء أحاديثه ، فوُجد أنّها مسندة ـ كما يظهر من كلام أصحابنا ، وقد نازعهم صاحبُ البُشرى ۲
ومنع دعواهم ـ فهذا إسنادٌ ، ولا بحثَ فيه إذا كان الاستقراء تامّا ، وإلاّ فأشكل .
وإن كانَ حُسْنَ الظنّ ، فهو غيرُ كافٍ شرعا .
وإن كان استنادا إلى إخباره ، فمرجعه إلى شهادته بعدالة الراوي المجهول ، وسيأتي ما فيه .

1.معرفة علوم الحديث : ۳۶ و۳۷ ؛ وحكاه عن الحاكم في مقدّمة ابن الصلاح : ۴۸ ـ ۴۹ .

2.بشرى المحققين للسيد أحمد ابن طاووس . وقد نسب النزاع إليه الشهيد في شرح البداية : ۵۱ .

صفحه از 515