وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 414

يكون عن محمّد بن قيس فيجعل عن محمّد بن مسلم ، وقد يكون في كلّ الطريق . وهو حرامٌ ؛ لتضمّنه الكذب ، ومَنْ عُرِفَ به سقطتْ عدالتُهُ ۱ .

الثامن عشر : المدلَّس

وهو : ما أُخفي عيبُهُ ، مأخوذٌ من الدَّلَسِ ـ بالتحريك ـ وهو اختلاط الظلام ، سُمّيَ بذلك لاشتراكهما في الخفاء ؛ حيث إنّ الراوي لم يصرّحْ بمَنْ حدّثه وأوهم سماعه بالحديث .
وهو قسمان : تدليس الإسناد ، وتدليس الشيوخ :
أمّا تدليس الإسناد : فكأن يروي عمّن عاصرهُ ما لم يسمعه منه مُوهِما سماعَهُ ، قائلاً : «قال فلان» أو «عن فلان» بأن يأخذه من كتابه ، أو يحدّثه به رجلٌ آخر ، وقَصْدُه بذلك الترفُّعُ عن أن يرويه عمّن رواه عنه ، أو ترويجُ الحديث وتحسينُه ، أو علوُّ الإسناد : إمّا بحذف شيخه كما قلناه ، أو بحذف رجلٍ ضعيفٍ في أثناء السند .
وهو مكروهٌ جدّا بين أهل الحديث ، حتّى قال بعضُهم : مَنْ عُرِفَ به صارَ مجروحا مردودَ الرواية .
أمّا لو قال : «سمعتُ» أو «حدّثني» وعُلِمَ أنّه لم يسمعْ منه كان ذلك جَرْحا لا محالةَ . ولو احتُمِلَ سماعُه منه لم يحكم عليه بالتدليس ؛ حملاً للمسلم على الصحّة .
وهذا القسم من التدليس لا يخرجُ عن الأقسام المتقدّمة من «التعليق» و«القطع» و«الإرسال» .
ويُعلم عدم اللقاء : بإخباره عن نفسه بذلك ، وبجزم عالمٍ مطّلعٍ عليه ، ولا يكفي أن يقع في بعض الطرق زيادة واوٍ ؛ لاحتمال أن يكون ذلك الحديث رُوي بالزيادة ، دون غيره ، فيكون رُوي مرّةً بواسطةٍ ومرّةً بغيرها .
وأمّا تدليس الشيوخ : فبأن يُسمِّيَ شيخا أو يكنيَه أو ينسبَه بما لا يُعْرَف به ، لغير ضرورةٍ .
وكراهيته أخفُّ من الأوّل ، وسببُ الكراهة فيه تَوَعُّرُ طريق معرفته ، ويختلف

1.وله أغراض أُخرى يتبعها في الحليّة بل اللزوم ، كما فصّلناه في مقدّمتنا على كتاب «الأحاديث المقلوبة وجواباتها» المطبوع مستقلاًّ ، وملحقا بكتابنا «المنهج الرجالي» .

صفحه از 515