وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 424

أصل [ 3 ]

وقد اختلف أهلُ السنّة في الوقت الذي يتصدّى فيه لإسماعه وإفادته ، فمنعه بعضهم قبل وفور العلم وكمال القوّة ، ومنعه بعضهم قبل الأربعين ۱ .
وليس بشيءٍ ، والحقُّ أنّه متى احتيجَ إلى ما عنده جَلَسَ له ، إذا كان قادرا على أدائه بحقّه وشروطه في أيّ سنٍّ كان ، ويجب أن يُمسك عنه إذا خشي التخليطَ بهَرَمٍ أو خَرَفٍ .
نعم ، الأولى له ألاّ يحدّثَ بحضرة مَنْ هو أولى منه بذلك ؛ لوفُور علمه ، وعلوّ سنّه ، وحسن ضبطه ، إذا كان أخْذُ الحديث عنه متيسّرا ، وكانا في بلد واحد . وإذا طُلب منه الحديث وهناك مَنْ هو أرجح منه ، فالأولى له الإرشاد إليه ؛ فإنّ الدين النصيحة .
ولا ينبغي أن يمتنع من بذل الحديث لأحد لكونه غير صحيح النيّة ؛ فإنّه يُرجى له صحّتها ، فقد جاء في الآثار عن بعض العلماء الأخيار أنّه قال : «طلبنا العلمَ لغير اللّه فأبى إلاّ أن يكون للّه » ۲ ، وقال بعضهم : «فأوصلنا إلى اللّه » .
وليجتهد كلَّ الجهد على نشره وإذاعته ببذله والترغيب فيه ، سيّما في مثل زماننا هذا الذي كادت تندرسُ فيه آثارُ الوحي والنبوّة والأئمّة المعصومين بالكلّية ؛ فإنّ بذل الجهد في إفادته واستفادته في يومنا هذا من أهمّ الواجبات ، وقد رُوّيْنا بطرقنا عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور بن حازم ، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «قرأتُ في كتاب عليّ عليه السلام : إنّ اللّه لم يأخُذْ على الجُهّال عَهْدا بطلب العلم حتّى أَخَذَ على العُلماء عَهْدا بِبَذْل العِلم للجهّال» ۳ .

1.حكى الأقوال في مقدّمة ابن الصلاح : ۱۴۷ ؛ والمنهل الروي : ۱۰۶ ؛ وتدريب الراوي ۳ : ۱۲۷ .

2.حكاه عن معمر في مقدّمة ابن الصلاح : ۱۴۷ ؛ وتدريب الراوي ۲ : ۱۳۰ .

3.الكافي ۱ : ۴۱ ، كتاب فضل العلم ، باب بذل العلم ، ح ۱ .

صفحه از 515