وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 432

الثاني : القراءةُ على الشيخ

ويسمّيها أكثرُ المحدّثين : «عَرْضا» ؛ لأنّ القارئ يعرضه على الشيخ ، سواءٌ أقَرأتَ أم قرأَ غيرُك وأنتَ تسمعُ ، من كتابٍ أو حفظٍ ، سواءٌ أ حَفِظَ الشيخُ أم لا ، إذا أمسكَ أصلَه هو أو ثقةٌ ذو بصيرة .
وهي روايةٌ صحيحةٌ بلا خلاف ، نعم اختلفوا في مساواتها السماعَ من لفظ الشيخ : فبعضُهم رجّحها لأنّ الشيخَ يكون أوعى للسماع ، كما تقدّم في توجيه ترجيح السماع ، وبعضُهم رجّحه لما تقدّم ، وبعضُهم ساوى بينهما ؛ لتحقّق القراءة في الحالين ، وسماع الآخر ، وقيام سماع الشيخ مقام قراءته في مراعاة الضبط ، وورد به حديث عن ابن عبّاس أنّ النبيّ قال : «قراءتك على العالم وقراءةُ العالم عليك سواءٌ» .
والأحوط في الرواية بها «قرأتُ على فلان ـ أو : قُرِئَ عليه وأنا أسمعُ ـ فأقرَّ به» ، ثمّ «حَدَّثَنا» و«أَخْبَرَنا» مقيّدا بقوله : «قراءةً عليه» أو مطلقا على قول بعض ؛ لأنّ إقراره قائمٌ مقام التحديث . وهو جيّدٌ .
ومنعَ جماعةٌ فيها «سمعتُ» ، ومنعتْ أُخرى «حدَّثَنا» ، ولا بأسَ بالمنعين .
نعم ، يجوزُ «أَخْبَرَنا» عند الجماهير والمتأخّرين .
ومتى كان الأصلُ بيد غير موثوقٍ به لم يصحّ السماعُ إنْ لم يحفظه الشيخُ .
وإذا قرأَ على الشيخ قائلاً : «أخبرك فلانٌ» أو نحوه والشيخُ مُصْغٍ فاهمٌ غيرُ منكرٍ ، صحَّ السماعُ وجازت الروايةُ . ولا يشترطُ نطقُ الشيخ على الأصحّ عند الجمهور . وقال بعضُهم : ليس له أن يقول : «حَدَّثَني» ؛ لأنّه كذبٌ ، وله أن يعملَ به وأن يرويه قائلاً : «قُرِئَ عليه وهو يَسْمعُ» ۱ .
والحقُّ الأوّلُ ، وأنّه يجوز «أَخْبَرَنا» ؛ لأنّ القراءةَ عليه والسكوتَ في معرض النقل

1.حكاه عن أبي نصر بن الصبّاغ من الشافعيّين في مقدّمة ابن الصلاح : ۱۰۲ ؛ والمنهل الروي : ۸۲ ؛ وتدريب الراوي ۲ : ۲۰ .

صفحه از 515