وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 459

فصل [ 1 ] : [عدالة الصحابة]

ولقد مات النبيّ صلى الله عليه و آله عن مائة وأربعة عشر ألف صحابيّ ، وآخرهم موتا أبو الطُفَيْل ؛ ماتَ سنة مائة ، وآخرُهم قبلَه أَنَس بن مالك .
وقد جازَفَ أهلُ السنّة كلَّ المجازفة ، بل وصلوا إلى حدّ المُخارفة ! فحكموا بعدالة كلّ الصحابة ؛ مَنْ لابَسَ منهم الفِتَنَ ومَنْ لم يُلابِسْ ، وقد كان فيهم المقهُورون على الإسلام ، والداخلون على غير بصيرةٍ ، والشُكّاك ، كما وَقَعَ من فَلَتاتِ ألسنتهم كثيرا ، بل كان فيهم المنافقون كما أخبرَ به البارئُ جلّ ثناؤُه ، وكان فيهم شاربُو الخمر ، وقاتلُو النفس ، وفاعلو الفسق والمناكر ، كما نقلوه عنهم ، وما نقلنا نحن بعضَه في ما سبق من صحاحهم من الأحاديث المتكثّرة المتواترة المعنى ، يدلّ على ارتدادهم بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فضلاً عن فسقهم .
وزاد بعضهم في المجازفة والمخارفة ؛ فحكمَ بأنّهم كلّهم كانوا مجتهدين!! وهذا يَقْطَعُ مَنْ له أدنى عقلٍ بفساده ؛ لأنّه كانَ فيهم الأعرابُ ، ومَنْ أسلمَ قبلَ موت النبيّ بيسيرٍ ، والأُمّيون الذين يجهلون أكثرَ قواعد الأحكام وشرائع الدين ، فضلاً عن الخوض فيه بالاستدلال .
كيف؟! والاجتهادُ ملكةٌ لا تحصلُ إلاّ بعد فحصٍ كثيرٍ وممارسةٍ تامّةٍ ، بغير خلاف .

صفحه از 515