وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 474

ـ قال : ـ قلتُ : فإنّهما عدلانِ مرضيّانِ عند أصحابنا ، لا يَفْضُلُ واحدٌ منهما على صاحبه؟
ـ قال : ـ فقال : «يُنْظَرُ إلى ما كان من رواياتهم عنّا في ذلك الذي حَكَما به ؛ المُجْمَعَ عليه من أصحابك ، فيُؤْخَذُ به من حُكْمِنا ، ويُتْرَكُ الشاذُّ الذي ليس بمَشْهُور عندَ أصحابك ، فإنّ المُجْمَعَ عليه لا رَيْبَ فيه ، وإنّما الأُمور ثلاثةٌ : أمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَيُتَّبَعُ ، وأمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فيُجْتَنَبُ ، وأمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إلى اللّه وإلى رسوله ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : حلالٌ بَيِّنٌ ، وحَرامٌ بَيِّنٌ ، وشُبُهاتٌ بينَ ذلك ، فمَنْ تَرَكَ الشُبُهاتِ نَجا من الحُرُمات ، ومَنْ أَخَذَ بالشُبُهات ارْتَكَبَ الحُرُمات ، وهَلَكَ من حيثُ لا يعلم» .
قلتُ : فإنْ كان الخَبَران عنكما مَشْهُورَين ؛ قد رواهما الثِقاتُ عنكم؟
قال : «يُنْظَرُ ، فما وافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الكتاب والسُنّة وخالَفَ العامّة فيُؤْخَذُ به ، ويُتْرَكُ ما خالَفَ حُكمُه حُكْمَ الكتاب والسُنّة ووافَقَ العامّة».
قلتُ : جعلتُ فداك ، أرأيتَ إنْ كان الفقيهان عَرَفا حُكمَه من الكتاب والسُنّة ، ووَجَدْنا أَحَدَ الخَبَرَيْنِ مُوافِقا للعامّة والآخَرَ مُخالِفا لهم ، بأيّ الخبرين يُؤْخَذُ؟
قال : «ما خالَفَ العامّة ففيه الرَشادُ» .
فقلتُ : جعلتُ فداك ، فإنْ وافَقَهما الخَبَرانِ جميعا؟
قال : «يُنْظَرُ إلى ما هُم إليه أمْيَلُ حُكّامُهم وقُضاتُهم ، فيُترَك ويُؤْخَذُ بالآخَر» .
قلتُ : فإنْ وافَقَ حُكّامُهم الخبرينِ جميعا؟
قال : «إذا كانَ ذلك فأرْجِئْهُ حتّى تلقى إمامَك ؛ فإنّ الوُقُوفَ عندَ الشُبُهاتِ خَيْرٌ من الاقْتِحام في الهَلَكات» ۱ .
فهذا الحديثُ وأمثالُه تضمّنَ وجوبَ الترجيح في المُفتي والحديثِ ، ووجوبَ العمل بالراجح ، كما لا يخفى .

1.الكافي ۱ : ۶۷ ـ ۶۸ ، كتاب فضل العلم ، باب اختلاف الحديث ، ح ۱۰ .

صفحه از 515