وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 478

ما يُرْسِلُه محمّدُ بنُ أبي عُمَير وصفوانُ بنُ يحيى والبَزَنْطيُّ ، وبينَ ما يُسْنِدُهُ غيرُهم.
الرابع : لا شُبهة عندنا في تقديم الصحيح على الحَسَنِ والمُوَثَّقِ عند التعارض إذا لم يمكن تأويلُهما ، وأمّا إذا أمكنَ تأويلُهما أو حَمْلُهما على بعض الوُجُوه ، فإنّه يجبُ عند مَنْ يعملُ بهما ، ويُرَجّحُ ذلك على طرحِهما بالكُلِّيّة ، بل قد رأينا الشيخَ الطوسيّ رحمه اللهفي مواضع متعدّدةٍ يؤوِّل الصحيحَ ويعملُ بالحَسَن أو المُوثَّق عندَ التعارُض ؛ لنوعٍ من الاعتبار أو مُساعدة بعض الأدلّة .
وأمّا إذا لم يُعارضهما صحيحٌ ، فقد قَبِلهما جماعةٌ من عُلمائنا واحتجّوا بهما ، كالشيخ ومَنْ نَهَجَ مَنْهَجَه ، سيّما إذا عَضَدَ أحدَهما روايةٌ أُخرى أو دليلٌ آخَرُ :
أمّا الحَسَنُ : فلأنّه يُثيرُ ظنّا راجِحا قريبا ممّا يُثيرُه الصحيحُ ، بل بعضُه لا يكادُ يقصرُ عنه ، كما يرويه إبراهيمُ بن هاشم ونحوه .
وأمّا المُوثَّقُ : فلأنّ نقل المَذْهب قد يُعلمُ بالفسّاق فضلاً عن المُوثّقين ، كما يعلمُ أنّ مذهبَ الشافعيّ كذا وإن لم ينقله عنه عدلٌ ، ولقول الصادق عليه السلام : «إذا نَزَلَتْ بِكُمْ حادِثَةٌ لا تَجِدُون حُكْمَها في ما يُرْوى عنّا فانْظُرُوا إلى ما رَوَوْهُ عن عليّ عليه السلامفاعْمَلُوا بِهِ» ۱ .
وقد عَمِلَت الطائفةُ بأخبار الفَطَحِيّة مثل عبد اللّه بن بُكَيْر ، والواقِفة مثل سماعة ، وعليّ بن أبي حمَزة ، وعثمان بن عيسى ، وبني فَضّال ، والطاطَرِيّين وغيرِهم ، في ما لم يكن عندهَم فيه خلافُهُ .
وقد يحتجّ للعمل به وبالحَسَن : أنّ المانعَ من العمل بخبر الفاسق فِسْقُهُ ؛ للآية ۲ ، فإذا لم يُعلم الفسقُ لم يجب التَثَبُّتُ ، كما في خبر المَجهول ، فكيفَ المُوَثَّقُ أو المَمْدُوحُ؟!
وبهذا احتجَّ مَنْ قَبِلَ المراسيلَ .

1.أخرجه الشيخ الطوسي في عدّة الأُصول ۱ : ۱۴۹ .

2.سورة الحجرات (۴۹) : ۶ .

صفحه از 515