وأُجيبَ : بأنّ الفسقَ لمّا كان علّةَ التَثَبُّت وَجَبَ العلمُ بنَفْيِهِ ، حتّى يُعلمَ وجودُ انتفاء التَثَبُّت ، فيجبُ الفحصُ .
وفيه نَظَرٌ ؛ لأنّ الأصلَ عدمُ وجود المانِعِ في المُسْلِم ، ولأنّ المَجْهُول لا يمكنُ الحكمُ بفِسْقِهِ ، والمرادُ من الآية الفاسِقُ .
وقال بعض العامّة : «لا يحتجُّ برواية المُبْتَدِع مُطلقا» ۱ . وقال الشافعيُّ : «يُقْبَلُ إن لم يكنْ ممّن يَسْتَحِلُّ الكذبَ لنَصْرِ مذهبه» ۲ .
وقيل : «يُقْبَلُ إنْ لم يكن داعِيَةً إلى مذهبه وبِدْعَتِهِ» ۳ ، وهو الأظهرُ عندَهم ، وقول الأكثر ، ولهذا احتجَّ صاحبا الصحيحين وغيرُهما من أئمّة الحديث عندَهم بكثيرٍ من المُبْتَدِعة غير الدُعاة .
أمّا مَنْ كَفَرَ ببِدْعةٍ ، فلا تُقْبَلُ روايتُه إجماعا منّا ومنهم ، كالغُلاة والمُجَسِّمة وشبههما .
وأمّا ترجيحُ الحَسَن عندنا على المُوثّق ، أو بالعكس ، أو التساوي ، فممّا لم يحضرني لأصحابنا فيه مَقالٌ ، وللنظر فيه مَجالٌ ۴ .
أصل : [مخالفة الحديث للدليل القطعي وموافقته]
إذا جاء الحديثُ بخلاف الدليل القاطع من الكتاب أو السُنّة أو الإجماع ، ولم يمكن تأويلُه ، ولا حملُه على بعض الوُجُوه ، وَجَبَ طَرْحُه من أيّ الأنواع كانَ ؛ لأنّ هذه الأدلّةَ تُفيدُ العِلْمَ ، والخَبَرُ لا يفيدُه ، وعلى هذا وَقَعَ الإجماعُ
1.حكاه في مقدّمة ابن الصلاح : ۹۰ .
2.في مقدّمة ابن الصلاح : ۹۱ بعد نقل هذا القول قال : «وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي» .
3.حكاه في مقدّمة ابن الصلاح : ۹۱ .
4.في الهامش «ثمّ بَلَغَ قراءة أيّده اللّه تعالى» .