أصْلٌ : [حجّيّة الخبر ووجوب العمل به]
وإذا صحّ الحديثُ ، ولم يُعارضه أقوى منه أو مُساوٍ ، ولم تُعرَف فتاوى الأصحاب بخلافه ، وَجَبَ العملُ به عندَ قاطبة متأخّري أصحابنا ، سواءٌ تضمّنَ الوجوبَ أو التحريمَ أو الإباحةَ أو الندبَ أو الكراهةَ .
وإنّما قلنا : «ولم يُعارضه أقوى منه» ليخرجَ ما جاءَ مُخالفا للكتاب العزيز أو السُنّة المتواترة ، أو قام الدليلُ القاطعُ على خلافه كما يتضمّنُ تكليفَ ما لا يُطاق ، أو تحسينُ ما قَطَعَ العقلُ بقُبحه أو بالعكس ، لا مثلَ البراءة الأصليّة ؛ لأنّها ليستْ دليلاً قاطِعا ؛ لأنّ العقلَ يُجَوِّزُ مجيءَ التكليف بخلافها .
وإنّما قلنا ب «وجوب العمل به» لأنّه يُثْمِرُ ظنّا راجِحا بغير مِرْيةٍ ، والعملُ بالمرجوح ممتنعٌ عقلاً ، ولأنّ المعروفَ من شأن الصحابة والتابعين وأصحاب الأئمّة عليهم السلامومَنْ بعدهم العملُ به ، يُعْلَمُ ذلك علما ضروريّا لمن تتبّعَ آثارَهم وسيرَهم بحيثُ لا يرتابُ فيه ، فإنْ نازعَ بعدَ ذلك منازعٌ فهو مكابِرٌ .
والسيّدُ المرتضى ـ رحمه اللّه تعالى ۱ ـ وجماعةٌ من كبار علمائنا مَنَعُوا من العمل به ۲ ،
1.جوابات المسائل الموصليّات الثالثة ضمن رسائل الشريف المرتضى ۱ : ۲۰۱ ـ ۲۰۲ .
2.كابن إدريس في السرائر ۱ : ۵۱ ؛ والشيخ المفيد في التذكرة بأُصول الفقه : ۴۴ ، ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ۹ ؛ وابن زهرة في غنية النزوع ضمن الجوامع الفقهيّة : ۴۷۵ .