وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 495

وتكون الدارةُ المذكورةُ أوّلاً علامةً لأوّل الحديث ، فإنْ كان بعد الحديث حديثٌ آخَرُ اكتفى بها بينهما ، وإن كان بعدَه كلامٌ تعيّنت الهاءُ .
وهذا في مثل التهذيب والاستبصار واجبٌ ، لاختلاط أحاديث التهذيب بكلام المقنعة وكلام الشيخ ، واختلاط أحاديث الاستبصار بكلام الشيخ في وجه الجمع وغيره .
وقد ميّزْتُ ـ بحمد اللّه ـ في كتابي بعضا عن بعضٍ ، بحيث لا يلتبسُ منه شيءٌ بشيءٍ .
وينبغي أن تكونَ الدارةُ المذكورة خاليةَ الوَسَط ، فإذا قابَلَ نَقَّطَ وَسَطَها نُقْطةً ، ثمّ كُلّما قابَلَ مَرَّةً نَقَّطَ وَسَطَها نُقْطةً ؛ ليحصلَ الاطمئنانُ بالنسخة .
ويكرهُ في مثل «عبد اللّه » و«رسول اللّه » و«أبو محمّد» كتابةُ الأوّل في آخِرِ السطر ، والثاني في أوّل الآخَرِ .
وأقبحُ من ذلك الفرقُ كذلك بينَ العاطف والمعطوف إذا كان بالواو ، وقد يسهلُ إذا كان بغيرها .
وأقبحُ من كلّ ذلك ـ بل لا يفعلُه ذُو بَصيرةٍ ـ تفريقُ الكلمة الواحدة كذلك .
الثانية : يستحبُّ أن يُحافِظَ الكاتبُ على كتابة الصلاة والتسليم على رسُول اللّه وعلى الأئمّة عليهم السلامفي كلِّ حديثٍ كلّما ذُكِرَ ، ولا يَسأَمَ من تَكراره ، ومَنْ أغْفله حُرِمَ أجْرا جزيلاً ، ولا يتقيّد فيه بما في الأصل إنْ كان ناقِصا ؛ لأنّه دُعاءٌ يُنْشِئُه لا شيءٌ يرويه ، وكذا الثناء على اللّه تعالى ب «عزّ وجلّ» وشبهه كلّما ذُكِرَ ، وكذا الترضّي والترحُّمُ على خُلصاء الصحابة وأصحاب الأئمّة والعُلماء والصُلحاء ، إلاّ ما يكونُ في نفس السَنَد ، فإنّ ذلك يُوجِبَ تطويلاً مُمِلاًّ قد أَعْرَضَ عنه العُلماء رغبةً في الاختصار .
ويكرهُ الرمزُ لذلك ، كما يكرهُ بل يحرم إفرادُ النبيّ عن الآل بالصلاة أو السلام كما يفعلُه أعداؤُهم ، هذا مع ما قد رووا في صحاحهم عن النبي صلى الله عليه و آلهأنّه قال : «مَنْ صلّى عليَّ ولم يُصَلِّ على آلِي فَقَدْ جَفاني» ۱ .

1.لم أجده في صحاحهم ولا في مسانيدهم ، ووجدته في الأسرار المرفوعة : ۲۳۵ / ۹۲۷ .

صفحه از 515