الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 105

جهة معيّنة كما تفرّد به أهل مكّة أو الشام أو الكوفة أو البصرة ، و تفرّد به واحد معيّن من أهل مكّة ـ مثلاً ـ بالنسبة إلى غيره من المحدّثين من أهلها.
و منها : المقلوب ، و هو أن يكون حديث مشهور عن راوٍ فيجعله عن راوٍ آخر ليرغب فيه لغرابته أو لغير ذلك ، و قال بعض فضلاء العامّة : قال الحافظ أبو عمرو : فهذا نحو حديث مشهور عن سالم جعل عن نافع ليصير مرغوبا فيه. ۱
هذا ، ثمّ إنّ القلب قد يقع في المتن ، قيل : و ذلك كحديث أبي هريرة عند مسلم في السبعة الذين يظلّهم اللّه في ظلّ عرشه و فيه : «و رجل تصدّق بصدقة أخفاها حتّى لايعلم يمينه ما تنفق شماله .» فهذا ممّا انقلب على أحد الرواة و إنّما هو : «حتّى لاتعلم شماله ما تنفق يمينه» ۲ كما في الصحيحين. ۳
هذا ، و لايخفى عليك أنّ إيقاع القلب عمدا مطلقا ـ أي سواء كان في المتن أو السند ـ إنّما هو من شغل الوضّاعين العصاة الفجرة . نعم كثيرا ما يقع القلب و التحريف و التصحيف سهوا و غفلة في السند أو المتن . و قد أشرنا إلى جملة كثيرة لأمثلة ذلك بالنسبة إلى السند في أوائل الكتاب. ۴
و منها : المركّب ، و هو الذي ركِّب متنه لإسناد آخر لم يكن له ، فمن ذلك القبيل ما في قضيّة البخاري فهي من الأُمور العجيبة ، و قد أشار إليه جمع من علمائهم ؛ و ذلك أنّ البخاري لمّا قدم بغداد امتحنه محدّثوها ، و وضعوا له مائة حديث مركّبة الأسانيد كلّ سندٍ بمتن آخر و جعلت عشرة عشرة مع كلّ محدّث ، و حضروا مجلسه ، فأورد كلٌّ حديثا من العشرة بالإسناد المركّب حتّى تمّت المائة ، و هو يجيب في كلّ حديث : «لا

1.مقدمة ابن الصلاح : ۸۱ .

2.صحيح البخاري ۱ : ۱۶۱ باب فضل التهجد و ۲ : ۱۱۶ باب الصدقة قبل الردّ ؛ و صحيح مسلم ۲ : ۹۳ .

3.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۹۲ .

4.أي في الفنّ الأوّل من الكتاب في علم الرجال .

صفحه از 205