أبواب الفقه ؛ و من المسانيد ، أي الكتب التي جمع فيها سند كلّ صحابي على حِدة ؛ و من الأجزاء ـ أي ما دوّن فيه حديث شخص واحد ؛ أي تتبّع هذه الأُمور لذلك الحديث الذي يظنّ أنّه فرد ليعلم هل له متابع أم لا ، هو الاعتبار.
هذا ، و لايخفى عليك أنّ ما في هذا الكلام ينافي من وجه ما نقلناه عن جمع من فضلاء العامّة ؛ فإنّ كلامهم كان ظاهرا بل صريحا في أنّ الاعتبار قسيم للمتابعات و الشواهد ، و هذا يعطي أنّ الأمر ليس كذلك بل أنّ الاعتبار هو هيئة التوصّل إلى المتابعات و الشواهد»؛ ۱ فتأمل.
و منها : الناسخ و المنسوخ
فاعلم أنّه كما في القرآن ناسخ و منسوخ كذلك في الأحاديث . فالحديث الناسخ حديث دلّ على نهاية استمرار حكم شرعي ثابت بدليل سمعي سابق ، و المنسوخ منه حديث قطع استمرار حكمه الشرعي بدليل شرعيّ متأخّر عنه . و قد صرّح كثير من فضلاء العامّة بأنّ هذا فنّ صعب مهمّ جليل. ۲
و قد أدخل بعض أهل الحديث ما ليس منه لخفاء معناه لتخصيص العامّ و تقييد المطلق و الزيادة على النص ، و قد حكي عن الزهري أنّه أعني الفقهاء و أعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله من منسوخه. ۳
هذا ، و قد ذكر جمع من فضلاء العامّة [أنه] كان للشافعي فيه يد طولي و سابقة أُولى. ۴
و قد ألّف العلماء في هذا الفنّ كتبا كثيرة كأبي داود ۵ و ابن الجوزي ۶ و أبي بكر
1.نهاية الدراية : ۱۷۵ .
2.مقدمة ابن الصلاح : ۱۶۶.
3.نفس المصدر.
4.التقريب : ۷۸ ؛ تدريب الراوي : ۴۷۰ .
5.له كتاب الناسخ و المنسوخ في القرآن و لم نعثر على كتاب له في نسخ الحديث.
6.ألّف عبد الرحمن بن عليّ بن الجوزي كتابين في هذا الفن أحدهما بعنوان : إخبار أهل الرسوخ في الفقه و الحديث بمقدار المنسوخ من الحديث و الآخر بعنوان : إعلام العالم بعد رسوخه بحقائق الحديث و منسوخه .