الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 135

لم يعهد أن ينسب هذا إلى واحد منهم.
نعم إنّ المعروف بين أصحابنا أنّ ابن عقدة الحافظ من الزيديّة الجاروديّة كان ضابط مائة ألف حديث إسنادا و متنا و مذاكرا في مائتي ألف حديث عن وجه الكتب. ۱
و الموسوم بلفظ الحفاظ من محدّثي العامّة في غاية الكثرة . و قد عدّوا من الحفّاظ البخاري أيضا . و ذكر جمع أنّ البخاري قال : «أحفظ مائة ألف حديث صحيح عن النبيّ صلى الله عليه و آله و مائتي ألف حديث غير صحيح» ۲ و ذكروا أنّه يريد تعداد الطرق و الأسانيد و آثار الصحابة و التابعين ، فسمّى الجميع حديثا.
و قد قيل : إنّ البخاري مؤلّف من ألف ألف حديث . و قيل : إنّ مسلما من سبعمائة ألف و شيء . و روّينا عن البخاري أنّه قال : أخرجت هذا الكتاب من زهاء ستمائة ألف حديث و صنّفته في ستة عشر سنة ، و جعلته حجّة بيني و بين اللّه ، و ما وضعت فيه حديثا إلاّ اغتسلت قبل ذلك و صلّيت ركعتين. ۳
أقول : يظهر من نفحات كلامهم أنّ البخاري ممّن يطلق عليه الحجّة أيضا لكونه محيطا بثلثمائة ألف حديث إحاطة على نمط الحفظ والضبط بالمعنى الأخصّ كما نقل عنه. ۴
هذا و أنت خبير بأنّ كلّ ذلك من الأُمور الصادرة على نمط الإغراق و المبالغة ، و الظاهر أنّ المحكوم بالحاكميّة عندهم و هو الحاكم صاحب المستدرك ، و العجب منهم كيف يتفوّهون بأمثال هذه الكلمات و هي في باب صدور النصّ الجلي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفي أمر الإمامة و الخلافة كما تعرفهم ، أي من إنكار ذلك النص؟! فافهم التقريب و لاتغفل.
و من أعجب الأُمور و أغربها ما ذكر بعض فضلاء العامّة من أنّ أبا بكر محمّد بن عمر الجعابي الحافظ كان يقول : أحفظ أربعمائة ألف حديث و أذاكر بستمائة ألف . و

1.حكي عنه : «أحفظ مائة ألف حديث بأسانيدها ، و أجيب في ثلاثمائة ألف حديث» طبقات الحفاظ : ۳۶۶.

2.تذكرة الحفّاظ ۲ : ۵۵۶ .

3.طبقات الحفّاظ : ۲۷۲ .

4.تذكرة الحفاظ ۲ : ۵۵۶ .

صفحه از 205