الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 137

على ما في الصحاح الستّ للعامّة بكثير.
ثمّ اعلم أنّ علماء العامّة قد ذكروا أنّ «أوّل مصنّف في الصحيح المجرّد صحيح البخاري ثمّ [صحيح] مسلم . و قول الشافعي : ما أعلم كتابا بعد كتاب اللّه تعالى أصح من موطّأ مالك ؛ كان قبل وجود الكتابين ، ثمّ البخاري أصحّهما و أكثرهما فوائد.
قال النسائي : ما في هذه الكتب أجود من كتاب البخاري و رجّح بعض أئمّة المغاربة كتاب مسلم.
و قال الحافظ أبو عليّ النيشابوري أُستاد الحاكم : ما تحت أديم السماء كتاب أصحّ من كتاب مسلم». ۱ و كأنّهم يريدون تجرّده عمّا سوى الحديث . و ممّا رجّح به البخاري أنّ المعنعن عنده ليس له حكم الموصول و اكتفى مسلم بثبوت المعاصرة.
هذا ، و قد صرّح بعضهم بأنّه : «قد صرّح الجمهور بتقديم صحيح البخاري في الصحّة ، و لم يوجد عن أحد التصريح بنقيضه . و أمّا ما نقل عن أبي عليّ النيشابوري أنّه قال : «ما تحت أديم السماء أصحّ من كتاب مسلم» ، فلم يصرّح بكونه أصحّ من صحيح البخاري ؛ لأنّه إنّما نفى وجود كتاب أصحّ من كتاب مسلم ؛ إذ المنفي إنّما هو ما تقتضيه صيغة «أفعل» من زيادة صحّة في كتاب شارك كتاب مسلم في الصحّة يمتاز بتلك الزيادة عليه و لم ينف المساواة.
و كذلك ما نقل عن بعض المغاربة أنّه فضّل صحيح مسلم على صحيح البخاري فذلك في ما يرجع إلى حسن السياق وجودة الوضع و الترتيب ، و لم يُفصح أحد منهم بأنّ ذلك راجع إلى الأصحّيّة ، و لو أفصحوا به ردّه عليهم شاهد الوجود .
فالصفات التي تدور عليها الصحّة في كتاب البخاري أتمّ منها في كتاب مسلم و أشدّ و شرطه فيها أقوى و أسدّ» ۲ من كلّ الجهات من جهة رجحانه من حيث عدم الشذوذ و الإعلال «فلأنّ ما انتقد على البخاري من الأحاديث أقلّ عددا ممّا انتُقد على

1.مقدمة فتح الباري : ۸ ؛ مقدمة ابن الصلاح : ۲۰ ؛ غرر الفوائد المجموعة : ۳۲۸ .

2.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۵۹ .

صفحه از 205