الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 161

فهذا أعلى الطرق و أشرف الأقسام و أرفعها عند المحقّقين . فيقول السامع المتحمّل إذا روى : «سمعت» و «حدّثني» و «أخبرني» و «أنبأني» فإن أتى بصيغة الجمع كأن يقول : «حدّثنا فلان» أو «أخبرنا» أو «أنبأنا» أو «سمعنا فلانا يقول» . فهو دليل على أنّه سمعه مع غيره و قد تكون النون للتعظيم لكن بقلّة .
و أرفع هذه الصيغ و أصرحها «سمعت» ؛ لأنّ هذا لايحتمل الواسطة ، و لأنّ «حدّثني» قد يطلق في الإجازة تدليسا . و أشرف الصيغ شأنا و أرفعها مقدارا ما وقع في الإملاء ؛ لما فيه من التثبّت و التحفّظ .
و قد يقال : إنّ «حدّثنا» و «أخبرنا» أرفع من «سمعت» من جهةٍ ؛ إذ ليس في «سمعت» دلالة على أنّ الشيخ رواه إيّاه بخلافهما، ۱ و فيه نظر جلي ؛ فتأمّل .
و قيل : «الإنباء من حيث اللغة و اصطلاح المتقدّمين بمعنى الإخبار ، إلاّ في عرف المتأخّرين فهو للإجازة ك «عن».
و عنعنة المعاصر محمولة على السماع ، بخلاف غير المعاصر فإنّها تكون مرسلة أو منقطعة ، فشرط حملها على السماع ثبوت المعاصرة إلاّ من المدلّس» .
و قد يقال : «إنّه يشترط في حمل عنعنة المعاصر على السماع ثبوت لقائهما ولو مرّة واحدة ، ليحصل الأمن في باقي مرويّاته بالعنعنة عن كونه من المرسل الخفي» . ۲
هذا ، و أنت خبير بما فيه من الركاكة ، فتأمّل.
و أمّا «قال لنا فلان» أو «ذكر لنا» فهذا من قبيل «حدّثنا» ، لكنّه بما سمع في المذاكرة و المناظرة أشبه و أليق من «حدّثنا».
و كيف كان ؛ فإنّ أوضح العبارات «قال فلان» من غير أن يقول «لي» أو «لنا» ، و مع ذلك فهو محمول على السماع إذا عرف اللقاء . و أمّا ما عن البعض من أنّ حمل ذلك على السماع إنّما هو ممّن عرف منه ذلك ، فمن الدعاوي الجزافيّة ، فتأمّل.

1.مقدمة ابن الصلاح : ۹۸ .

2.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۱۲۴ و ۱۲۳ .

صفحه از 205