الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 162

الطريق الثاني : القراءة على الشيخ ، و يسمّيها أكثر قدماء المحدّثين عرضا ؛ لأنّ القارئ يعرضه على الشيخ ، سواء قرأَ هو أو قرأَ غيره و هو يسمع ، و سواء قرأَ من كتاب أو حفظ ، و سواء كان الشيخ يحفظ أم لا ، إذا أمسك أصله هو أو ثقة غيره ، فهذه رواية صحيحة بالاتّفاق خلافا لمن لايعتدّ به ، و هو أبو عاصم النبيل من علماء العامّة ، و قد اشتدوا [في ]الإنكار عليه حتّى بالغ بعضهم فرجّحها على السماع من لفظ الشيخ. ۱
و ذهب جمّ منهم البخاري ـ و حكاه في أوائل صحيحه عن جماعة من الأئمّة ـ إلى أنّ السماع من لفظ الشيخ و القراءة عليه ـ يعنى في الصحّة و القوّة ـ سواء .
و بالجملة : فإنّه قد نقل التساوي عن مالك و أشياخه و أصحابه و معظم علماء الحجاز و الكوفة و البخاري و غيرهم . و نقل ترجيح الأوّل عن جمهور علماء المشرق ، و نقل ترجيح الثاني عن أبي حنيفة و ابن أبي ذئب و غيرهما. ۲
و كيف كان ؛ فإنّ السامع إذا روى بهذه الطريقة فله عبارات مثل أن يقول : «قرأت على فلان» أو «قرئ و أنا أسمع فأقرّ به» و يلى ذلك عبارات السماع من لفظ الشيخ مقيّدة بالقراءة عليه ك «حدّثنا» أو «أخبرنا» أو «أنبأنا قراءة عليه».
و في إطلاق هذه العبارات أقوال:
فمنعه جماعة منهم أحمد و النسائي ، و جوّزه معظم الحجازيّين و الكوفيّين و البخاري و غيرهم ، و ثالث الأقوال جواز «أخبرنا» دون «حدّثنا» و هو مذهب الشافعي و أصحابه و مسلم و جمهور المشارقة و غيرهم ، بل قيل : إنّ هذا هو الشائع الغالب اليوم عند المحدّثين . وقد يقال : إنّ من الأقوال قول من أجاز فيها «سمعت» فقط. ۳
و كيف كان ؛ فإنّ في حكم القراءة عليه السماع حال قراءة الغير كما عرفت ذلك ، فيقول : «قرئ عليه و أنا أسمع فأقرّ به» أو إحدى تلك العبارات أي «حدّثنا» و «أخبرنا» و نحوهما ، و الخلاف في إطلاقها و تقييدها كما عرفت.

1.كأبي حنيفة و ابن أبي ذئب و غيرهما . تدريب الراوي : ۳۱۵ .

2.التقريب : ۴۷ .

3.تدريب الراوي : ۳۱۷ ـ ۳۱۶ .

صفحه از 205