ثمّ اعلم أنّه ينبغي التنبيه على أُمور هاهنا.
فنقول : الإجازة مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية و الزرع ، يقال : استجزته فأجازني: إذا أسقاك ماءا لماشيتك و أرضك . فكذا طالب العلم يستجيز العالم علمه فيجيزه ، فعلى هذا يجوز أن يقال : «أجزت فلانا مسموعاتي» .
و من جعل الإجازة إذنا ـ و هو المعروف ـ يقول : «أجزت له رواية مسموعاتي» و متى قال : «أجزت له مسموعاتي» فعلى الحذف ، أي حذف المضاف كما في نظائره.
ثمّ إنّهم قالوا : إنّما تستحسن الإجازة إذا علم المجيز ما يجيزه و كان المجاز من أهل العلم حتّى أنّ بعضهم قد اشترط ذلك ، و قيل : إنّها لاتجوز إلاّ لماهر بالصناعة في معيّن لايشكل إسناده.
ثمّ إنّه ينبغي للمجيز بالكتابة أن يتلفّظ بها ، فإن اقتصر على الكتابة مع قصد الإجازة صحّت ، كما أنّ سكوته عند القراءَة عليه إخبار و إن لم يتلفّظ لكنّها دون الملفوظ بها.
ثمّ إنّه قد جرت عادة الشيوخ في إجازاتهم أن يكتبوا «أجزت لفلان مثلاً ـ رواية كذا بشرطه المعتبر عند أهله» أو «عند أهل النقل» أو «أهل الرواية» أو نحو ذلك . و بعضهم يكتب «بشرط المعتبر» و بعضهم يكتب «بشرطه» و لا يزيد على ذلك.
و قد يفسّر ذلك بكونها من معيّن لمعيّن أو كونها غير مجهولة ، و قيل : بشرط صحّة ما هو من رواياتي و روايات شيوخي عنده ، أو بشرط تصحيح الأُصول عند الرواية . و لكن مقتضى الحقّ و التحقيق أنّ المراد من ذلك اشتراط الأهليّة ؛ إذ هو المعتبر عند المحقّقين ۱ كما تقدّم.
ثمّ إنّه قد جرت العادة عند أهل هذا الشأن أن يكتبوا استدعاءات للإجازة . فصورتها بعد البسملة و الحمدلة و التصلية المسئول من قروم ۲ العلماء ، و جهابذة
1.نهاية الدراية : ۴۶۳ .
2.القَرْم من الرجال : السيّد المعظّم (لسان العرب (قرم) ۱۲ : ۴۷۳) .