الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 174

للعالم الحاذق المتقن ؛ فتأمّل.
ثمّ إنّ العمل بالوجادة قد نقل عن معظم المحدّثين و الفقهاء المالكين أنّه يجوز ، و عن الشافعي و نظّار أصحابه جوازه ، و قطع بعض الشافعيّة بوجوب العمل بها عند حصول الثقة ، و استحسنه جمع قائلين : «هذا هو الصحيح ، بل لا يتّجه في هذه الأزمان غيره» . ۱
هذا ، و أنت خبير بما فيه ؛ لأنّه يمكن أن يقال : إنّ خلوّ علماء هذه الأزمان عن طرق تحمّل الحديث و أدائه غير طريق الوجادة محلّ نظر ، بل لا شكّ في أنّ هذه الدعوى من المجازفات الصرفة و التخمينيّات المحضة.
و كيف لا؟! فإنّ طريق الإجازة من الأُمور السهلة الجارية الموجودة في جميع الأزمنة ، و لا سيّما إذا لوحظ فيها القسم الأعمّ الأشمل الأسهل ، على أنّه فرق واضح بين كون المعتبرة كالكتب الأربعة ـ مثلاً ـ عند الخاصّة ، و الصحاح الستّ ـ مثلاً ـ عند العامّة ، من مصنّفيها و جامعيها من الأُمور القطعيّة الحاصلة بالتسامع و التظافر ، و كذا كون وجوب العمل بها من هذا الوجه و ذلك اللحاظ ، و بين كونها من قبيل الوجادة المصطلحة ، و وجوب العمل بها لأجل حصول الثقة بها.
هذا ، اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المراد من حصول الثقة هو ما أشرنا إليه. و مع هذا كلّه نقول : إنّ إطلاق الوجادة على مثل ذلك كما ترى ، اللّهمّ إلاّ أن يبنى الأمر على التسامح : فتأمّل .
ثمّ إنّ جمعا قالوا : إنّ فائدة ذكر الوجادة زيادة القوّة في الخبر ، فإذا وجد حديثا في مسند أحمد ـ مثلاً ـ و هو بخطّه فقوله : «وجدت بخطّ أحمد كذا» أقوى من قوله : «قال أحمد» لأنّ القول ربما يقبل الزيادة و النقص و التغيّر ـ و لا سيّما عند من يجيز النقل بالمعنى ـ و ذلك بخلاف الخطّ.
تذييلٌ : في أهليّة التحمّل
يصحّ التحمّل قبل الإسلام بلا خلاف ، و هكذا قبل البلوغ على الأصحّ الأشهر . و

1.التقريب : ۵۸ .

صفحه از 205