الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 178

و قد قال بعضهم : «إنّ للجرح مراتب أسوؤها الوصف بما دلّ على المبالغة فيه ، و أصرح ذلك التعبير بأفعل كأكذب الناس ، و كذا قولهم : إليه المنتهى في الوضع ، و هو ركن الكذب ، و نحو ذلك . ثمّ دجّال أو وضّاع أو كذّاب ؛ لأنّها و إن كان فيها نوع مبالغة لكنّها دون الّتي قبلها . و أسهلها ليّن أو سيّء الحفظ أو فيه أدنى مقال.
و بين أسوأ الجرح و أسهله مراتب لاتخفى . فقولهم : متروك أو ساقط أو فاحش الغلط أو منكر الحديث أشدّ من قولهم : ضعيف أو ليس بقويّ أو فيه مقال» . ۱

الفصل الرابع : متضمّن لجملة من الفوائد

فهي و إن لم تكن بمثابة ما مرّت إليه الإشارة من الفوائد المتقدّمة في شدّة الحاجة إليها إلاّ أنّها مع ذلك ممّا تزيد به البصيرة و الحذاقة ، على أنّ خلوّ الكتاب عن كلّ ذلك خلوّ الصناعة من جملة من الأمور التي عنون لها جمع من العلماء ، و إن كانوا بأجمعهم أو معظمهم من العامّة.
و بالجملة : فإنّ مقصودنا أن يكون هذا الكتاب في هذين الفنّين و ما يتعلّق بهما كتابا شافيا كافيا ، و يستغنى به عن الرجوع إلى سائر الكتب في هاتين الصناعتين.

الفائدة الأولى : في الإشارة إلى معرفة سبب الحديث :

فاعلم أنّ معرفة هذا من الأُمور المهمّة ، فهذا شأن جليل و أمر عظيم كثير الفوائد ، أما ترى أنّه قد ينقل في جملة من الكتب جملة من الأحاديث ذوات الأسباب فلايذكر فيها أسبابها فيختلّ بذلك الأمر بالنسبة إلى جملة من المقامات؟! بل قد تفوت بذلك جملة من المقاصد.
فلنمثّل لك في هذا الباب مثالاً حتّى يتبيّن لك الأمر ، فنقول : قد ورد في الحديث

1.نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ۱۳۴ و ۱۳۳ .

صفحه از 205