الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 179

القدسي المرويّ في كلتا الطريقتين أي العامّة و الخاصّة : «يا محمّد ، أنت منّي حيث شئت أنا ، و عليّ منك حيث أنت منّي ، و محبّو عليّ منّي حيث عليّ منك»مائة منقبة للقمي : 43 ؛ الجواهر السنية : 303 . الحديث.
فإذا نظر الناظر في هذا الحديث و أمعن النظر فيه ، و علم أنّ مراتب محبّي أمير المؤمنين عليه السلام و درجاتهم و قربهم المعنوي الحقّاني إلى الحقّ الأوّل سبحانه بحيث لايدرك كنهها ، و ما هي عليه في نفس الأوّل غير ذات الحقّ الأوّل جلّ جلاله ، حمل ما في الحديث على الأكامل من الشيعة كسلمان و أبي ذر و مقداد و من حذا حذوهم استبعادا منه تمشية ذلك في غير هؤلاء الأكامل ، و لكن الحديث إذا اُخذ بمجامعه و السبب الذي ورد هذا الحديث القدسي لأجله علم أنّ هذا الحمل و ذلك الاختصاص ممّا ليس في محلّه.
و بيان ذلك : أنّ صدر الحديث كذا ورد ، يعنى «أنّه جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و آلهفقال : يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله! ما ينفعني حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «ويحك من أحبّ عليّا فقد أحبّني ، و من أحبّني فقد أحبّ اللّه ، و من أحبّ اللّه لم يعذّبه» .
فقال الأعرابي : زدني يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال صلى الله عليه و آله : «أسأل جبرئيل عن ذلك» فنزل جبرئيل فقال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما قاله الأعرابي؟ فقال جبرئيل عليه السلام : «أسأل إسرافيل عليه السلام عن ذلك ، فصعد فسأل اسرافيل عليه السلام عن ذلك . فقال إسرافيل عليه السلام : سأسأل ربّ العزّة عن ذلك ، فأوحى اللّه تعالى إليه يا إسرافيل ، قل لجبرائيل يقل لمحمد صلى الله عليه و آله : أنت منّي حيث شئت أنا ، و عليّ منك حيث أنت منّي ، و محبّو علي منّي حيث علي منك ۱ » الحديث.
فلايخفى عليك أنّ حمل ما في الحديث على الأكامل من الشيعة يستلزم التخصيص الموردي ، و هو غير جائز عند الأُصوليّين قطعا ، و التقريب ظاهر ؛ لأنّ الأعرابي السائل ما كان شأنه مثل شأن سلمان و أترابه.
و قد فسّر هذا الحديث في حديث آخر على نمط صريح في الشمول و التعميم ، و

1.نفس المصدر .

صفحه از 205