الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 189

و هكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شكّ فيه من كتاب غيره أو حفظه ، فإذا وجد كلمة من غريب العربيّة أو غيرها و هي غير مضبوطة و أشكلت عليه جاز أن يسأل عنها أهل العلم بها ، و يرويها على ما يخبرونه .
ثمّ إنّ من ليس عالما بالألفاظ و مقاصدها خبيرا بمعانيها لاتجوز له الرواية بالمعنى إجماعا بكلّ طرقه ، و لم يعهد في ذلك خلاف من أحد ، بل يتعيّن اللفظ الذي سمعه ، فإن كان عالما بذلك قالت طائفة : لايجوز إلاّ بلفظه ، و جوّزوه في غير حديث النبي صلى الله عليه و آله .نقل في تدريب الراوي : 387 ـ 386 هذا الرأى عن ابن سيرين و ثعلب و ابو بكر الرازي.
و ما عليه أهل التحقيق من العامّة و الخاصّة هو الجواز مطلقا إذا قطع بأداء المعنى ، بل هذا ممّا دلّت عليه جملة من النصوص ۱ ، و قد قدّمنا ما يدلّ على ذلك.
و قال جمع من العامّة : «و هذا كلّه في غير المصنَّفات ، و أمّا المصنَّف فلا يجوز تغيير لفظه أصلاً و إن كان بمعناه» . ۲
و أنت خبير بما فيه ؛ إذ الأصل يقتضي الجواز و لا معارض له ؛ فتأمّل.
ثمّ اعلم أنّ الحديث إذا كان عن اثنين أو أكثر و اتّفقا في المعنى دون اللفظ ، فله جمعهما في الإسناد ثمّ يسوق الحديث على لفظ أحدهما فيقول : «أخبرنا فلان و فلان و اللفظ فلان» أو «هذا لفظ فلان : قال أو قالا : أخبرنا فلان» و نحوه من العبارات.
قال جمع منهم : و «لمسلم في هذا الباب عبارة حسنة كقوله : «حدّثنا أبو بكر و أبو سعيد كلاهما عن أبي خالد ، قال أبو بكر : حدّثنا أبو خالد عن الأعمش» فظاهره أنّ اللفظ لأبي بكر فإن لم يخصّ فقال : «أخبرنا فلان و فلان و تقاربا في اللفظ قالا : حدّثنا فلان» جاز على جواز الرواية بالمعنى ، فإن لم يقل : «تقاربا» فلا بأس به على جواز الرواية بالمعنى ، و إن كان هذا قد عيب به جمع منهم.
و إذا سمع من جماعة مصنَّفا فقابل نسخته بأصل بعضهم ثمّ رواه عنهم و قال :

1.نفس المصدر .

2.التقريب : ۶۶ .

صفحه از 205