الفنُّ الثاني من القواميس - صفحه 96

متضادّين فمن كان عنده فليأتني لأُؤلّف بينهما. ۱
هذا ، ثمّ مثّل له جمع منهم بحديث «لا عدوى و لا طيرة» ۲ مع حديث «فرّ من المجذوم فرارك من الأسد» ۳ و كلاهما في الصحيح.
و أنت خبير بما فيه ؛ فإنّ ظاهر عبارتهم أنّهما حديثان ، و ليس كذلك ؛ لأنّهما في حديث واحد في صحيح البخاري .
و قال بعضهم في مقام الإتيان بالمثال : و ذلك كحديث «لا عدوى و لا طيرة و لا هامة و لاصفر» فقال أعرابي : يا رسول اللّه ، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنّها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «فمن أعدى الأوّل؟!» مع حديث «لا يورد ممرض على مصحّح» و في رواية «لا يوردن ذو عاهة على مصحّ» الحديث . ۴
قيل في وجه الجمع بينهما : «إنّ هذه الأمراض لا تعدى بطبعها ، لكنّ اللّه تعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا إعدائه مرضه . ثمّ قد يتخلّف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب» ۵ هذا.
و قيل أيضا : «و الأولى في الجمع بينهما أن يقال : إنّ نفيه صلى الله عليه و آلهالعدوى باقٍ على عمومه ، و قد صحّ قوله صلى الله عليه و آله : «لا يُعدي شيء شيئا» و قولُه صلى الله عليه و آله لمن عارضه بأنّ البعير الأجرب يكون في الإبل الصحيحة فيخالطها فيجرب ، حيث ردّ عليه بقوله : «فمن أعدى الأوّل؟!» يعني : أنّ اللّه تعالى ابتدأَ بذلك في الثاني كما ابتدأَه في الأوّل.
و أمّا الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سدّ الذرايع و الوسائل ؛ لئلاّ يتّفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير اللّه تعالى ابتداء إلاّ بالعدوى المنفية ،

1.حكي ذلك عن محمّد بن إسحاق بن خزيمة كما في مقدمة ابن الصلاح : ۱۷۳ و الباعث الحثيث ۲ : ۴۸۲ .

2.صحيح البخاري ۷ : ۱۷ ب ۱۹ و ۴۳ و ۴۴ و ۴۵ و ۵۴ ؛ صحيح مسلم ۷ : ۳۱ و ۳۲ و ۳۳ و ۳۴ ؛ سنن أبي داود ۲ : ۲۳۱ ، ح ۳۹۱۱ ؛ سنن ابن ماجة ۱ : ۳۴ ، ح ۸۶ و ج ۲ : ۱۱۷۰ ، ح ۳۵۳۶ ؛ مسند أحمد ۱ : ۱۷۴ و ۱۸۰ .

3.صحيح البخاري ۷ : ۱۷ ؛ مسند ۲ : ۴۴۳ ؛ الفقيه ۳ : ۵۵۷ ، ح ۴۹۱۴ .

4.غريب الحديث للهروي ۲ : ۲۲۱ ؛ تأويل مختلف الحديث ۱ : ۹۷ .

5.مقدمة ابن الصلاح : ۱۷۳ .

صفحه از 205