وأما الوجه الخامس: فهو مجرد دعوى لم نتحقّقها ولم نجدها في کلام أحد من علماء الرجال والمورّخين، نعم روى الشيخ في التهذيب «أنّ محمّد بن اسماعيل بن بزيع سأل أبا جعفر الجواد( أحد قمصاته ليعدّه لکفنه فبعثه إليه وأمره بأن ينزع أزراره» ۱ و معلوم أنّه لا دلالة في هذه الرواية على شيء من ذلک.
وأما الوجه السادس: ففيه، أنّه لابعد في رواية کل من الشيخين عن الآخر، وهذا نوع مشهور يسمى في علم الدراية بالمدبج ( الرعاية في علم الدراية: ص 350 ـ 351 ؛ مقباس الهداية: ج 1 ص 301 ـ 303)، کأنّ کل واحد منهما يبذل ديباجة وجهه للآخر في الأخذ عنه، وقد وقع في الصدر السالف رواية بعض الصحابة عن بعض التابعين.
وإجازة السيد الجليل تاج الدين بن معية لشيخنا الشهيد ـ قدّس اللّه روحهما ـ روايةَ مروياته واستجازته منه بعد ذلک روايةَ مروياته أيضاً مما اشتهر نقلهما (بحار الأنوار: ج 74 ص 167 ؛ الذريعة: ج 1 ص 264 ـ 245). فلعلّ حال ابن بزيع مع الفضل بن شاذان، من هذا القبيل.
فهذا ما حضرني من الکلام على هذه الوجوه، وهو غاية ما يمکن أن يقال في مقام الخدش فيها.
والحقّ انّ کل واحد منها وإن أمکن تطرق الضعف إليه بانفراده، إلاّ أنّه يحصل من مجموعها، ما يوجب الظن بأنّ محمّد بن إسماعيل هذا، ليس هو ابن بزيع.
وسيما إذا انضم إليها وجه السابع: هو انّ ابن بزيع( قد روى عن الأئمة الثلاثة أعني الکاظم والرضا والجواد ـ سلام اللّه عليهم ـ أحاديثَ عديدة من دون واسطة، ولم يرو الکليني عنه بلا واسطة شيئاً من تلک الأحاديث أصلاً، مع کون الواسطة فيها بين الکليني وبين المعصوم( على ذلک التقدير رجل واحد فقط، وشدّة اهتمام المحدّثين بعلوّ الإسناد أمر معلوم، ولم يوجد لمحمّد بن إسماعيل الذي يروي عنه الکليني بغير واسطة رواية عن أحد المعصومين ـ سلام اللّه عليهم ـ من دون واسطة، بل کلما يوجد منها فإنّما هو بوسائط عديدة.
فصل
واما الثاني، أعني محمّد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني:
فربّما يوجد في کلام بعض الأصحاب القطع بأنّ الذي يروي عنه الکليني بغير واسطة ليس هو مستنداً بأنّ هذا قد لقي أصحاب الصادق( کما صرح به النجاشي (رجال النجاشي: ص 345)، فکيف يبقى إلى زمن الکليني، ووجه الخدش في هذا يعلم مما سبق في خدش الوجه الأوّل الوجوه الستّة السابقة.
1.. في التهذيب: سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن اسماعيل ابن بزيع قال: سألت أبا جعفر(ع) أن يأمر لي بقميص أعده لكفني فبعث به إلي فقلت كيف أصنع؟ فقال انزع ازراره. (تهذيب الأحكام: ج ۱ ص ۳۰۴ ح ۸۸۵)