رسالة في ثقة - صفحه 132

[ في اصطلاح : «يصدق علينا» ]

وكذا الحال في «يَصْدُقُ علينا» كما نقله في الخلاصة في ترجمة عبد اللّه بن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام ۱ .
وبعد ما مرّ أقول : إنّه يمكن أن يقال : إنّ الوثاقةَ في الحديث وإن لم تكنْ مستلزمةً للعدالة ولم تكنْ ظاهرةً في العدالةِ بنفسها ولا بواسطة الغَلَبة لكنّ الظاهرَ من التوصيف بالوثاقه في الحديث وتدوينه في الكتاب كونُه بواسطه استئناس العدالة ولو بمذهب الراوي ، فالوثاقة في الحديث عنوانٌ للعدالة ورَشْحَةٌ من رَشَحاتها .
فعلى هذا تثبت العدالةُ ب «ثقة في الحديث» فضلاً عن «ثقة» بناءً على عدم دلالته على العدالة . وكذا الحال في «صادق» و «صدوق» وغيرهما ممّا مرّ .
وبوجهٍ آخَر : توصيفُ معلوم الفسق بالوثاقة في الحديث بعيدٌ ، والجهلُ بالحال من حيث الفسق والعدالة مع الاطّلاع على الوثاقة في الحديث بعيدٌ أيضا . فالظاهر أنّ التوصيفَ بالوثاقة في الحديث من جهة الاطّلاع على العدالة .
وبوجهٍ ثالث : الوثاقة في الحديث وإن لم تكن بنفسها ولا بواسطة الغَلَبة ظاهرةً في العدالة لكنّ الظاهر هنا أنّ الوثاقة من جهة العدالة .
ثمّ إنّ الصدق بنفسه خالٍ عن الحُسْن كالقبح ، ولا يقتضي استحقاقَ المدحِ ، كمالا يقتضي استحقاقَ الذمّ ، وإن كان الكذب قبيحا مقتضيا لاستحقاق الذمّ على ما يظهر في النظر ، وإن كان الظاهرُ انطباقَ أرباب الفنون على حُسْن الصدق ، كيف ! ولو كان غالب محاورات الشخص في اليوم والليل من باب الصدق لا مجال للقول باستحقاقه المدح الموفور ، ولا ملازمة بين قُبْح الكذب وحُسْن الصدق من جهة التضادّ ، كيف! والتضادّ غاية أمره اقتضاء خلوّ الصدق عن القبح ، ولا يستلزم التضادُّ اشتمال الصدق على الحُسْن ، كيف ! والمباحُ ضدٌّ للحرام كما أنّ الواجب ضدٌّ له . ولا تقتضي مضادّة الوجوب والحرمة انحصار الضدّ فيها .

1.خلاصة الأقوال : ۱۰۷ / ۲۵ .

صفحه از 233