رسالة في ثقة - صفحه 225

خاتمـة

وَ الْعَصْرِ إِنَّ الاْءِنسَـنَ لَفِى خُسْران ولَعَمْري يعجزُ بنانُ البيان وتبيان البيان عن تشريح ما فيه من الطغيان ، وناهيك في شرح حاله آيات القرآن ، وكأ نّه نارٌ ، وكلُّ شعرة من شعارها شَرارةٌ من النار ، وكلّ نفس من أنفاسه على شعار الشعار ، ولو لم يكن في هذه النشأة إلاّ المعاشرة مع شرّ الأشرار لكفى في البلاء والابتلاء بربّ البراري والبحار ، كيف وقد قال اللّه سبحانه : «وَ جَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ»۱ والفتنه المجعولة من جانب اللّه سبحانه غير محتاجه إلى شرح الحال.
ولايتفطّن بما ذكرناه في الميزان هذا الحيوان إلاّ مَنْ شرب كأسا كاملاً من المعرفة والفرقان وبالغ في التأمّل في ميدان الميزان صديقه عدوّ الدوران ، فكيف ظنّك بعدوّ البنيان ، إنّ الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليلٌ مّا هم ، إذا نظرت أنّ حالَه مع اللّه سبحانه بحيث إذا مسّه الضُرّ يدعوه بجنبه أو قائما أو قاعدا ، فلمّا كشف عنه ضرّه مرّ كأن لم يدع الضرّ مسّه وإذا مسّه الضرّ في البحر ضلّ مَنْ يدعوه إلاّ إيّاه ، فلمّا نجّاه إلى البرّ أعرض ، لصرت مأيوسا من حُبّه ، وليس بروز الحبّ منه إلاّ من جانب اللّه سبحانه من باب فوق المعتاد في الأيّام ، كجَعْل النار من باب البرد والسلام .

الظلم من شيم الرجال وإن تجدذا عفّة فلعلّة لايظلم
لو خبّرتهم جوزاء خبريلما طلعت مخافة أن تكادا
هُم الذباب تحت الثياب فلاتكن على أحد منهم بمعتمد
لا تركننّ إلى قوم تعلمهمفكلّهم مُبغض في زيّ أحباب
وكيف يسوغ توقّع الحبّ منه! وهو من باب البلاء والابتلاء كما سمعت ، بل

1.الفرقان (۲۵) : ۲۰ .

صفحه از 233