رسالة في ثقة - صفحه 226

هو من باب العدوّ ، كما هو مقتضى قوله سبحانه : «اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ »۱ بناءً على كون الخطاب لآدم وحوّاء خطابا لذرّيتهما .
وكيف يسوغ توقّع الحبّ منه! وقد قال اللّه سبحانه : «إِنَّ مِنْ أَزْوَ جِكُمْ وَ أَوْلَـدِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ»۲ وقضيّة التعرّض للممانعة المشار إليها بعد تلك الآية في قوله سبحانه : «إِنَّمَآ أَمْوَ لُكُمْ وَ أَوْلَـدُكُمْ فِتْنَةٌ»۳ .
وكيف يسوغ توقّع الحبّ منه وهو عدوّ لنفسه قضيّة ما فيه من الأهواء المُهلكة الموجبة لرادئة حاله في الدنيا والآخرة ، كما هو مقتضى بعض الأخبار ، بل مضرّةُ عداوته أزيدُ من سفرة أعدائه بمراتب كثيرة ؛ حيث إنّ ما يتأتّى من مقدار تضييعه بفعله لا يتمكّن منه أعداؤه إلاّ بمقدّمات كثيرة ، بل ربّما لا يتمكّن من ذلك المقدار رأسا .
وأمّا عقله فغالب أفراده صرف الجنون ، وفي بعض الكلمات «أنّ عقل أربعين رجلاً يوازن عقل شاة» تعليلاً بأنّ الشاة ترتدع بردع الراوي ، والإنسانُ لا يرتدع برَوادِعِ اللّه سبحانه والأنبياء والأوصياء عليهم السلام، ولَعَمْري أنّ هذا الكلام بلغ سماء الكلام .
وبالجملة،مَنْ كان حاله في الطغيان على ما سمعت،فكيف يليق بوصول الفيض من جانبِ اللّه سبحانَهُ إليه ، وما أبعدَ طولُ مسافة المجاهدة التي تحتاج إليها في القابليّة للإفاضة ؛ فبالِغْ في المجاهدة وتهذيب الأخلاق ، وطَهِّرْ بيتَك للطائفين

1.البقرة (۲): ۳۶.

2. بناءً على كون «من» زائدةً ، ولعلّه الأظهر ، لا للتبعيض ، وليس المقصود هو المعانعة عن العبادة ونيل الأُجور الاُخرويّة قضيّة قوله سبحانه : «وَ إِن تَعْفُواْ وَ تَصْفَحُواْ وَ تَغْفِرُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» . التغابن (۶۴) : ۱۴ .

3.التغابن (۶۴) : ۱۵ .

صفحه از 233