رسالة في ثقة - صفحه 228

بتوسّط التقوى تحصل له القوّة ، وترتّب عليه آثار محمودة وحسن الذكر أبد المدّة ، فالتقوى أمام المقصود ، بل لا مقصود غير هذا المقصود . وباللّه من الفتوى والحكم بغير ما أنزل «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الْكَـفِرُونَ»۱«فَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الْفَـسِقُونَ»۲«فَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الظَّــلِمُونَ»۳«وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَـلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»۴ و «لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ»۵ .
فانظر أ نّه كيف يتجاسر غير القابل على العصيان ، وأرباب الزنا واللواط والشرب يخفون العصيان ، وكيف يلعن هذا على عُمَر وهو أسوء حالاً منه بمراتب شتّى لا تحصى ؛ لأنّ عُمَر لم يرتكب ما ارتكبه إلاّ بخيال رئاسة وجه الأرض ، وهذا ـ أعني غير القابل ـ لم يرتكب ما ارتكبه إلاّ بخيال رئاسة قليلة ، ولا سيّما بعض مَنْ ركب هذا المركب .
وكيف يتوقّع هذا التمكين من أرباب الديوان وهو أضعف عنصرا عنهم بمراتب كثيرة أيضا ؛ لأنّه لم يتمكّن من العصيان إلاّ ما فعله ، وعلى منوال حال ذلك حال الإجازة من الأهل فضلاً من غير الأهل استدعاءً لانتشار الاسم وتوجّه الوجوه .
ثمّ ـ العياذ باللّه ـ كيف يتجاسر الإنسان ذو الطغيان بالعيان على عصيان خالق الإنس والجانّ ، ومع هذا يظهر النيابة عن إمام الزمان عليه آلاف التحيّة من اللّه الرّحيم الرحمن! ولَعَمْري يهزأ الكفّار من هذه النيابة وهذا الإيمان ، فبئس المطيّة التي امتطَتْ أنفسنا من هواها ، فواها لها ، فواها لها لِما سوّلَت لها ظنونَها ومُناها وتبّا لها لجرأتها على سيّدها ومولاها ، آه وانفساه ، آه وانفساه لا تنفس نَفَسا لغير الدنيا ولا تتخاطر على خاطرها الآخرة ، بل كأ نّها لا تستشعر بغير الدنيا ولا تعقل .

1.المائدة (۵): ۴۴.

2.المائدة (۵) : ۴۷ .

3.المائدة (۵) : ۴۵ .

4.الشعراء (۲۶) : ۲۲۷ .

5.الأنعام (۶) : ۶۷ .

صفحه از 233