رسالة في ثقة - صفحه 88

[ في الإيراد على الجواب بعشرة وجوه ]

أقول : إنّ الجواب المذكور دائرٌ بين دفع الإشكال من جهة الاختلاف في معنى العدالة والاختلاف في اعتبار المروّة فيها ، والخلاف في كاشف العدالة ، والخلاف في عدد الكبائر . وما يُدفع به الإشكال من الجهة الأُولى يُدفع به الإشكال من سائر الجهات أيضا ، فما دفع به الإشكال في سائر الجهات من باب مزيد الجواب .
وكيف كان يتطرّق الإيراد على الجواب المذكور كما حرّرناه في الأُصول بوجوه عشرة :
فأوّلاً : بأ نّه لم يثبت كون «ثقة» في كلمات علماء الرجال مستعملة في العدالة بالمعنى المصطلح ، كما هو مبنى صدر الجواب المذكور .
وثانيا : بأ نّه لم يثبت كون النجاشي ـ مثلاً ـ عارفا بأحكام العدالة ومسائلها ، حتّى يتمكّن من أخذ المرتبة العليا للعدالة .
وثالثا : بأ نّه كيف يتمكّن النجاشي ـ مثلاً ـ على تقدير كونه عارفا بمسائل العدالة من أخذ المرتبة العليا للعدالة وإن كان مقصوده من توثيقاته انتفاع عامّة مَنْ تأخّر ، مع أنّ بعض الأقوال في الكبيرة قد حدثت في هذه الأعصار ۱ ، مع أ نّه من أين علم أنّ كتابه يصير مرجعا ومحلّ انتفاع عامّة مَنْ تأخّر حتّى يأخذ بما يوجب النفع لهم ، أي المرتبة العليا للعدالة .
ورابعا : بأنّ البناءَ في جميع الفنون على رسم الشخص معتقدَه في كتابه ، ألا ترى أنّ متون الفقه بل متون الفنون بحذافيرها لا تزيد على مختار المصنّف غالبا ، والمقصود بها انتفاع الغير أيضا ، فلا مجال للقول بلزوم أن يلغي مَنْ صنَّف في
الرجال معتقدَه ، ويجري على ما يوافق مذاق جميع مَنْ تأخّر عنه .

1.انظر غنائم الأيّام ۲ : ۳۳ .

صفحه از 233