رسالة في ثقة - صفحه 92

شخص لا يميلُ إلى الكذب في واقعة لعدم تطرّق منفعة عليه ، ويكفي في إمساكه عن الكذب أدنى حالةٍ رادعةٍ ، لكنّه في واقعة اُخرى يميلُ كلَّ الميل إلى الكذب ؛ لكونه موجبا لزيادة الشأن مثلاً ، فإمساكه عن الكذب هنا لابدّ له من قوّة الحالة الرادعة .
فلا ضَيْرَ في اختلاف المذاهب في العدالة؛ لأنّ المختلف فيه غير ما هو المراد هنا ، والمختلف فيه هو المعروف بما عُرّف به ، إلاّ أنّ التعريف باعتبار الغالب ؛ حيث إنّ العدالة المعتبرة في غالب الموارد هي العدالة بالمعنى المعرّف به .
أقول : إنّ الوجه الأخير لعلّه مأخوذ من كلام الشيخ الطوسي في العدّة ؛ حيث إنّه حكم بأنّ العدالة المشروطة في الراوي مغايرة للعدالة المشروطة في الشهادة ، وجعل العدالة المطلوبة في الرواة حاصلة مع الفسق بأفعال الجوارح وإن كان الفسق بأفعال الجوارح مانعا عن قبول الشهادة ۱ .

لكن في كلٍّ من الوجهين نظر :

أمّا الأوّل : فلأنّ معروفيّة أرباب التوثيق ومعرفتهم باشتراط العدالة ومنافيات العدالة إنّما تقتضي أن يلاحظوا ما جرى عليه مذهبهم ، غاية الأمر لحاظ أعلى مذاهب مَنْ تقدّم عليهم ، ولا تقتضي أن يراعوا ما لا يتخيّلوه من المذاهب المتأخّرة ؛ فالإشكال بحاله ولم يندفعْ بوجه .
وأمّا الثاني : فلأنّ صَرْف العدالة في كلام أرباب الاشتراط عن ظاهرها ـ أعني المعنى المصطلح ـ بدون الصارف تصرّفٌ مردود ، كيف! ومانقله فخر المحقّقين
عن العلاّمة في باب أبان بن عثمان ۲ معروف ـ وقد تقدّم ـ حيث إنّ مقتضاه اعتبار

1.عدّة الاُصول ۱ : ۱۵۲ .

2.حكاه الشهيد الثاني في تعليقته على خلاصة الأقوال : ۱۵ . وانظر نقد الرجال ۱ : ۴۶ / ۲۲ .

صفحه از 233