رسالة في ثقة - صفحه 94

[ جوابٌ آخَر ]

وقد يجاب أيضا ۱ : بأنّ تحصيل العلم برأي جماعة من المزكّين أمرٌ ممكنٌ بغير شكٍّ من جهة القرائن الحاليّة والمقاليّة ، إلاّ أ نّها خفيّة المواقع ، متفرّقة المواضع ، فلا يهتدي إلى جهاتها ولا يَقْدِرُ على جمع أشتاتِها إلاّ مَنْ عَظُم في طلب الإصابة جِدُّه ، وكَثُر في التصفّح في الآثار كَدُّه ، ولم يخرجْ عن حكم الإخلاص في تلك الأحوال قصدُهُ .
ويضعّف ـ بعدَ عدم انتهاضه فيتزكية مَنْ لم يمكن تحصيل العلم برأيه ، وصريح الجواب يقتضي عدم إمكان العلم برأي بعض المزكّين لتخصيص مَنْ أمكن تحصيل العلم برأيه بجماعة المزكّى ـ بأ نّه قد يُعلم كون رأي المزكّي ممّا لا يكفي عند المزكّي له ، كما هو الحال في تزكية الشيخ بناءً على كون المدار عنده في العدالة على مجرّد ظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق ۲ ، فلم ينفع العلم برأي المزكّي في دفع الإشكال .

[ جوابٌ آخَر ]

وقد يجاب أيضا بأنّ الذي جرت به عادةُ القوم في التعديل إنّما هو التوثيق بالذي نقول ويتجاوز ما نريد كقولهم : «ثقة ثقة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة»
أو «ورع» أو «تقي» أو نحو ذلك ، وأقلّه أن يقولوا : «ثقة» ولا يقال لمن لا يُعرف منه إلاّ ظاهر الإسلام ولم يظهر منه الفسق ولو لعدم الاختبار : إنّه ثقة ، وإنّما الثقة ذاك الذي يوثق به ويعتمد عليه ولا يرتاب فيه ، وأقلُّ مراتبه ما جاء في صحيحة

1.قوله «وقد يجاب أيضا بأنّ تحصيل» إلى آخره ، هذا الجواب من المنتقى ، وهو قد ادّعى أيضا جواز العلم بعدالة الرواة على المنوال المذكور ، كما يأتي نقله (منه عفي عنه) .

2.مذهبه في الخلاف ۱ : ۲۲۹ ، كتاب الشهادات ؛ وانظر غنائم الأيام ۲ : ۳۶ .

صفحه از 233