رسالة في ثقة - صفحه 95

ابن أبي يعفور ۱ .
وإن شئت فارجع إلى نفسك ، فإنّك لا توثّق إلاّ مَن اختبرت وجَرّبت فلم تجد عليه وَصْمَة ولم تعثر على عائبة ، فما ظنّكَ بأجلاّء الثقات من العلماء الأعلام ؟ أتراهم يوثّقون مَنْ يرتكب الكبائر ولو على مذهب البعض ، ولا يعبأ بالمعاصي ولو عند البعض ؟ كلاّ ، حتّى يتحرّج ويتجنّب عن الشبهات ، ويكون بمكانةٍ من الورع والتقوى ، أفترى بعد هذا من إشكال في توثيق الثقة .
وهذا أوجَه الوجوه في الجواب ، لكنّ مرجعَهُ إلى أنّ الظاهر من كون الرجل ثقة ـ وإن كان المقصود بالثقة هو المعنى اللغوي ـ هو كونه حاويا لكلّ ما يمكن أن يتخيّل اعتباره في العدالة ، ودونه الكلام .
نعم ، يمكن القول بأنّ الظاهر من «ثقة»ـ وإن كان المقصود به معناه اللغوي ـ كون الشخص متحرّزا عن الكبائر والإصرار على الصغائر ، أي صاحب الملَكَة المكشوفة بحُسن الظاهر ، بناءً على كون الظاهر في المقام الاعتمادَ في جميع المراحل .
إلاّ أ نّه يتأتّى الإشكال مضافا إلى ما مرّ بناءً على لزوم الاختبار في كاشِف العدالة ، لكنّه إشكالٌ آخَر برأسه يتأتّى على سائر الأجوبة أيضا غير الجواب الرابع ، ويأتي الكلام فيه .
نعم ، المروّة ـ بناءً على اعتبارها ـ هي الأصل في الإنسان بمعنى الظاهر ۲ ، كما

1.الفقيه ۳ : ۲۴ ، ح ۶۵ ، باب العدالة ؛ وسائل الشيعة ۱۸ : ۲۸۸ ، كتاب الشهادات ، ب ۴۱ ، ح ۱ .

2.قوله : «بمعنى الظاهر» لكن يتأتّى الإشكال في اعتبار الظاهر بناءً على اعتبار العلم في كاشِف العدالة ، كما هو مقتضى القول باعتبار الاختبار المفيد للعلم . هذا بناءً على كون الكلام في كاشف العدالة في الكاشف عن ملَكَةِ الاجتناب عن الكبائر والإصرار على الصغائر ، لا مطلق الملَكَة الأعمّ من ملكة الاجتناب عن منافيات المروّة في العدالة وكون المروّة من باب الملَكَة كما هو مقتضى غير واحد من تعاريف المروّة . وبما سمعتَ يظهر حال ظهورِ الضبطِ والظنّ به ، وكذا الحال في ظهورِ الإماميّة والظنّ به (منه عفي عنه) .

صفحه از 233