رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 12

[معنى «الأصحاب» لغةً واصطلاحاً]

قوله : «من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام» قد ذكر جماعةٌ ـ منهم التفتازاني في شرح التلخيص ـ : أنّ الأصحابَ جمعُ صاحب ، كطاهر وأطهار ،
وشاهد وأشهاد ۱ .
وهو صريح المصباح ، قال : «صحبْتُه أصْحَبُهُ ، فأنا صاحب ، والجمعُ صَحْبٌ وأصحابٌ وصَحَابة» ۲ .
وهو ظاهر القاموس ، قال : «وهم أصحابٌ وأصاحيبُ وصُحْبان وصِحاب وصَحابة وصِحابة وصَحْب» ۳ ؛ حيث إنّ الظاهرَ من كلامه كونُ كلّ من الجموع المذكورة جَمعاً لمفردٍ واحدٍ ، والظاهرُ أنّه أحالَ حال المفردِ على الظهور ، وليس غيرُ الصاحب ما يليقُ بهذه المرحلة .
وهو ظاهرُ الحاشية المحكيّة عن الشهيد الثاني ـ عند شرح قول الشهيد الأوّل في اللمعة ، عندَ الكلام في طلاق العدّة : «وقال بعض الأصحاب» ـ من قوله : «استعملَ الأصحابُ لفظَ الصاحب في غير الإمامي» ۴ .
وفي الصحاح والمَجْمع : أنّ جمعَ الصاحبِ صَحْبٌ ، مثلُ راكبٍ ورَكْبٍ ، والأصحاب جمع صَحْبٍ ، مثل فَرْخٍ وأفراخٍ ۵ .
وقد حَكَمَ الخطائي في تعليقاته على الشرح المختصر على التلخيص بأنّ الفاعل لايجمع على أفعال ؛ وفاقاً لما نقله عن صاحب الكشّاف ، وجرى على أنّ الأصحابَ جمعُ صحِب بالكسر كنمِر وأنمار ، أوصحْب بالسكون كنهْر وأنهار ، وجعل الأطهار جمع طُهْر بالضمّ مثل قُفْل وأقفال ، وبنى على أنّ التوصيف بها للمُبالغة نحو : زيدٌ عدل ۶ .
وربّما احتملَ بعضٌ كون الأطهار جمعَ طَهر ـ بالفتح ـ اسمَ جمعٍ لطاهر ، كصَحْب اسم جمع لصاحب ، وقيل : إنّ الأشهاد جمع شَهد ، كنَهر وأنهار .
ثمّ إنّ أصحابَ الإمام عليه السلام بينَ من روى عنه بالسماع عنه ـ وهو الظاهرُ من الأصحابِ ـ ومن روى عمّن سَمِعَ من أصحابه ـ سواء كان المرويّ عنه موثوقاً به أم لا ـ ومن أدركه لكن لم يسمعْ منه شيئاً ، أو سمع منه شيئاً قليلاً .
فالأصحابُ بينَ أصحابِ الرواية وأصحابِ اللقاء ، وأصحابُ الرواية بينَ أصحابِ السماع وغيرهم .
وربّما يُعبّر عن الأخير ب «أصحابِ الإسناد» لكنّ عَدّ مَنْ كان من الأخير في الرجال من أصحاب الإمام نادرٌ ، ومنه قولُ النجاشي في ترجمة عبد اللّه بن مُسكان : «وكان من أروى أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام» ۷ على أحد الاحتمالين ، بل الاحتمالِ الظاهر ، ويظهر الحال بما يأتي ۸ .
بل فسّر السيّد الداماد قول الشيخ : «أسند عنه» في ترجمة جماعةٍ أكثرهم من أصحاب الصادق عليه السلامـ والأكثر يبلغ مائة وسبعة وستّين على ما قيل ۹ ، بل قيل : إنّه لم تتّفق اللفظة المذكورة في ترجمة غير أصحاب الصادق عليه السلام ۱۰ ، إلاّ أنّه مَدخول بأنّه قال الشيخُ في تَرْجَمَة حمّاد بن راشد ـ وهو من أصحاب الباقر عليه السلامـ : «أسند عنه» ۱۱ كما أنّه اتّفقت تلك اللفظة من غير الشيخ أيضاً ؛ لأنّه ذكرها العلاّمة في
الخلاصة في ترجمة يحيى بن سعيد بن فيض الأنصاري ۱۲ ـ بأنّ الغرض أنّ الراوي لم يسمعْ من الصادق عليه السلام ، لكن سَمِعَ من أصحابه الموثوق بهم وأَخَذَ من أُصولهم المعتبرة ۱۳ .
لكنّه ينقدح ۱۴ بأنّه قال الشيخ في ترجمة محمّد بن مسلم : «أسند عنه» وقال : «روى عنهما» ۱۵ يعني : الباقرين عليهماالسلام ، بل روايتُه عنهما كثيرةٌ .
مع أنّه على ذلك لابدّ من العمل برواية من قيل في شأنه : «أسند عنه» مع أنّه لم يعهدْ من أحدٍ ، مضافاً إلى عدم مساعدة لفظة «أسند عنه» بحسب المعنى اللغوي لذلك ، لو كانت معلومة .
وأمّا لو كانت مجهولة فلا معنى لها إلاّ وقوع الإسناد إلى الرواية عمّن قيل في شأنه : «أُسند عنه» ولادلالة لها على ذلك .
اللهمّ إلاّ أن يكونَ الأمرُ من باب الاصطلاح ، لكنّه بعيد .

1.كتاب المطوّل : ۹ .

2.المصباح المنير ۱ : ۳۳۳ (صحب) .

3.القاموس المحيط ۱ : ۹۵ (صحب) .

4.حاشية الروضة البهيّة (الطبعة الحجريّة) ۱ : ۱۳۱ .

5.الصحاح ۱ : ۱۶۱ ؛ مجمع البحرين ۱ : ۵۸۳ (صحب) .

6.انظر أساس البلاغة : ۲۴۹ .

7.رجال النجاشي : ۲۱۴ / ۵۵۹ ؛ وحكاه عنه في خلاصة الأقوال : ۱۰۶ / ۲۲ .

8.في ص ۴۵ وما بعدها . والمراد من «أحد الاحتمالين» هو حصر رواية ابن مسكان عن الصادق عليه السلام في حديث إدراك المَشْعر .

9.انظر سماء المقال ۲ : ۱۶۳ لترى ماوقع فيه ولد المصنّف رحمهماالله .

10.قد ادّعى المرحوم الدربندي في القواميس : ۱۲۰ (مخطوط) ما نصّه : «إنّ كلّ من ذكر من علماء الرجال في ترجمته : أنّه ممّن أسند عنه ، فهو بحكم التتبّع التامّ والاستقراء الكامل ليس إلاّ من أصحاب الصادق عليه السلام» . انظر مقباس الهداية للمامقاني ۲ : ۲۲۹ .

11.رجال الشيخ : ۱۱۷ / ۳۹ .

12.خلاصة الأقوال : ۲۶۴ / ۱ .

13.الرواشح السماويّة : ۶۳ ـ ۶۵ ، الراشحة الرابعة عشر .

14.أي : يُقْدَح ويُعاب ، وهو إستعمال لا تساعده معاجم اللغة .

15.رجال الشيخ : ۳۰۰ / ۳۱۷ .

صفحه از 194