رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 153

[نقل الإجماع من السيّد الداماد ]

وأيضا قد نقل السيّد الداماد في الراشحة السادسة من الرواشح إجماع الأصحاب على تصحيح مايصحّ عن ثعلبة بن ميمون ، بل استظهر نقل الإجماع في حقّه من كلام الكشّي بانضمام سيرته في كتابه ، قال :
«وقال أبوعمرو الكشّي في ترجمته : ذكر حمدويه ، عن محمّد بن عيسى أنّ ثعلبة بن ميمون مولى محمّد بن قيس الأنصارى ، وهو ثقة ، خير ، فاضل ، مقدّم ، معدود في العلماء والفقهاء والأجلّة من هذه العِصابة» ۱ .
قلت : والذي عهدناه من سيرة الكشّي وسنّته في كتابه أنّه لايورد الثقة والعلم والفضل والتقدّم من أجلّة فقهاء العِصابة وعلمائها إلاّ في من يحكم بتصحيح ما يصحّ عنه. وبالجملة ، في تضاعيف فهارس
الأصحاب وطرقهم وأُصولهم وجوامعهم واستقصاء أحوال طبقات الأسانيد ومراتبها ودرجاتها يستبين استصحاح مايصحّ عن ثعلبة ، كأُولئك المعدودين ، فيبلغ من يقال بتصحيح مايصحّ عنه ؛ ۲ انتهى .
فمقتضى كلامه إذعان الكشّي بوقوع الإجماع في حقّ كلّ من أورد في ترجمته ماذكرناه غير الجماعة المتقدّمة ، والظاهر أنّ استفادته من سيرة الكشّي أنّه لايورد الثقة والفضل والتقدّم في أجلّة فقهاء العِصابة وعلمائهم إلاّ في من يحكم بتصحيح مايصحّ عنه ، من جهة أنّه فهم من عبائر الكشّي في بيان الطبقات الثلاث كونَ الإجماع المدّعى في حقّ الفقهاء لاخصوصِ الأشخاص المذكورين ؛ حيث إنّه قال في موضع آخر من الرواشح :
إلاّ أن يقال : إنّ المعهود من سيرة الكشّي والمأثورَ من سنّته أنّه لايطلق القول بالفقه والثقة إلاّ في من يحكم بتصحيح مايصحّ عنه ، وينقل على ذلك الإجماع ۳ .
وقال في الحاشية :
ألاترى أنّه عند ذكر طبقات المجمع على تصحيح مايصحّ عنهم يقول : في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام ، وتسميهُ الفقهاء من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، وتسميةُ الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم الكاظم وأصحاب الرضا عليهماالسلام ۴ .
وقال تعليقاً على قول الكشّي في ترجمةِ ثعلبةَ بن ميمون ـ : «وهو ثقة خير فاضل مقدّم معدود في العلماء والفقهاء الأجلّة من هذه العصابة» ۵ ـ :
من ديدنه أنّه إذا قال : «من الفقهاء الأجلّة» أنّه ممّن أجمعت العِصابة على
تصحيح مايصحّ عنهم كما قال : الفقهاء من أصحاب الصادق عليه السلامستّة ، فيكون ثعلبةُ ممّن أجمعت العِصابة على تصحيح مايصحّ عنه ، والقومُ غفلوا عن ذلك ۶ .
إلاّ أنّه لايتمّ في عبارة الكشّي في الطبقة الثالثة ؛ لظهور عبارتهِ في اختصاص الفقهاء المجمع على تصحيح مايصحّ عنهم بالجماعة المذكورة ، كما أنّه لاتقتضي عباراته انعقاد الإجماع في الفقيه ولو كان من أصحاب الجواد عليه السلاممثلاً ، فليته لم يُظهر مأخذ استفادته من سيرة الكشّي حتّى يتّجه الجريان على ماذكره من جهة حسن الظنّ به والوثوق إلى مقالته ، بل من ظهور فساد مأخذ استفادته من سيرة الكشّي يضعف دعوى الإجماع منه بنفسه .
ومقامنا يُشبه ماصنعه الشهيدُ الثاني في باب عمربن حنظلة ؛ حيث قال في الرعاية : «وعمربن حنظلة لم ينصّ الأصحاب فيه بجرح ولاتعديل ، لكن أمره عندي سهل ؛ لأنّي حقّقتُ توثيقَه من محلٍّ آخر ، وإن كانوا قد أهملوه» ۷ .
وهو قد ذكر في بعض فوائده ـ نقلاً ـ : أنّه ثقةٌ ؛ لقول الصادق عليه السلامفي حديث الوقت : «إذاً لايكذب علينا» ۸ .
ووافقه السيّد السند الجزائري في غاية المرام ، بل قال : «فهذا الحديث يستفاد منه توثيق ابن حنظلة من غير شكّ ولاريب» ۹ .
وقدأجاد في المنتقى في قوله : «لولا الوقوف على هذا الكلام لم يختلج في
الخاطر أنّ الاعتماد في ذلك على هذه الحجّة» ۱۰ . ويأتي مزيد الكلام .
وأيضاً قال السيّد الداماد في الرواشح في الراشحة الرابعة والثلاثين :
في إنّ غيرَ واحدٍ من الواقفيّة والزيديّة ليسوا من عداد جماعة قد انعقدَ إجماعُ العِصابة على تصحيح مايصحّ عنهم ، ومع ذلك فإنّا نرى الأصحاب يركنون إليهم ويعتمدون على رواياتهم ، وينزلون أحاديثهم منزلة الصحاح ؛ لما قدلاحَ لهم من فقههم وثقتهم وجلالة أمرهم وأمانتهم في الحديث .
فذكر عليّ بن محمّد بن عليّ بن عمربن رباح بن قيس بن سالم ، وعليّ بن الحسن بن محمّد الطائي الجرمي المعروف بالطاطري وابن عقدة وابنه أبي نعيم ۱۱ .
وأيضاً قد نقل عن بعضٍ القولُ باعتبار روايات بني فضّال من دونِ حاجةٍ إلى ملاحظة أحوالِهم ، ولاأحوال من رَوَوْا عنه بملاحظة مارواه الشيخ في كتاب الغيْبة عن أبي محمّد المحمّدي ، عن أبي الحسين ، عن محمّد بن الفضيل بن تمام ، عن عبد اللّه الكوفي خادم أبي القاسم الحسين بن روح قال :
سئل ـ يعني أبا القاسم ـ عن كتب ابن أبي العذافر الشلمغاني بعد ما ذمّ لارتداده وخرج توقيعاً مشتملاً على لعنه ، فقيل له : فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها مِلاء فقال : أقول فيها ما قاله أبو محمّد بن عليّ العسكري عليه السلام ، وقد سأله الناس عن كتب بني فضّال ، وقالوا : كيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاء فقال عليه السلام : «خذوا ما رووا وذروا ما رأوا» ۱۲ .
لكنّ الظاهرَ أنّ الغرضَ من الرواية المذكورةِ ـ بعد اعتبارِ سَنَدِها ـ عدمُ ممانعة
سوء مذهبِ ابن فضّال عن جواز العمل برواياتِهم ؛ نظير قوله سبحانه : «فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ»۱۳ حيث إنّ الغرضَ منه عدمُ ممانعةِ الاصطيادِ عن جوازِ أكلِ الصيد . وبعبارةٍ أُخرى : الغرضُ عدمُ كونِ الكلبِ موجباً لحرمة أكل الصيد ، لابيانُ حكم الصيد ؛ فتدبّر .

1.رجال الكشّي ۲ : ۷۱۱ / ۷۷۶ .

2.الرواشح السماويّة : ۵۱ و ۵۲ الراشحة السادسة .

3.. الرواشح السماويّة : ۷۰ ، الراشحة الثامنة عشر .

4.رجال الكشّي ۲ : ۷۱۱ / ۷۷۶ . وفيه : «معلوم في العلماء و .. .».

5.الرواشح السماويّة : ۵۲ ، الراشحة السادسة .

6.الرعاية في علم الدراية : ۱۳۱ .

7.نقله عنه سبطه في منتقى الجمان ۱ : ۱۹ ، والرواية في تهذيب الأحكام ۲ : ۲۰ ، ح ۵۶ ، باب أوقات الصلاة .

8.غاية المرام في شرح تهذيب الأحكام للسيّد نعمة اللّه الجزائري الموسوي التستري المتوفّى ۱۱۱۲ ه . ق . في ثمان مجلدات ، انظر الذريعة ۱۶ : ۱۸ / ۷۲ .

9.منتقى الجمان ۱ : ۱۹ ، الفائدة الثانية .

10.الرواشح السماويّة : ۱۱۰ ، الراشحة الرابعة والثلاثون .

11.كتاب الغيبة : ۴۲۰ .

12.المائدة (۵) : ۴ .

صفحه از 194