رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 163

[ ما استفيد منه حسن حاله ]

وعن ظاهر العلاّمة البهبهاني الميل إلى وثاقته ، وربّما يدلّ على حسن حاله بل وثاقتِه مارواه في الكافي والتهذيبين بالإسناد عن عمربن حنظلة قال ، قلت
لأبي عبد اللّه عليه السلام : القنوت يوم الجمعة فقال : «أنت رسولي إليهم في هذا إذا صلّيتم جماعة ففي الركعة الأُولى ، وإذا صلّيتم وحداناً ففي الركعة الثانية» ۱ .
ومارواه في التهذيب في باب نوافل الصلاة بالإسناد عن عمربن حنظلة ، قال:
قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : جعلت فداك إنّي سألتك عن قضاء صلاة النهار بالليل في السفر ، فقلت : «لاتقضها» وسألك أصحابنا ، فقلت : «اقضوا» فقال لي : «أفأقول لهم : لاتصلّوا» أو «إنّي أكره أن أقول لهم : لاتصلّوا ، واللّه ماذاك عليهم» ۲ .
قوله : «أو إنّي أكره أنْ أقول لهم» الظاهر أنّ الترديد من الراوي .
قال الفاضل التستري : «فيه دلالة على جلالة عمر بن حنظلة ؛ حيث استأمنه على ماكره أن يقول لغيره إلاّ أنّه من باب الشهادة على النفس» .
ومارواه في بصائر الدرجات بالإسناد عن عمر بن حنظلة قال ، قلت لأبي جعفر عليه السلام :
أظنّ أنّ لي عندك منزلةً قال : «أجل» قلت : فإن كان لي إليك حاجة؟ قال : «وما هي؟» قلت : فعلّمني الاسم الأعظم (قال : «أتطيقه؟» قلت : نعم ، قال : «فادخل البيت» . قال : فدخلت) ۳ فوضع أبوجعفر عليه السلاميده على الأرض فأظلم البيتُ ، فارتعدت ۴ فرائصُ عمر ، فقال : «ماتقول أُعلّمك؟» قال ، قلت : لا ، فرفع يده فرجع البيت كما كان ۵ .
ومارواه في أواخر روضة الكافي عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :
«ياعمر لاتحملوا على شيعتنا ، وارفقوا بهم ؛ فإنّ الناس لايحتملون ماتحملون» ۶ .
لكنّ هذه الأخبارَ من باب الشهادة على النفس . ۷
وبما تقدّم يظهر ضعف ماصنعه السيّد السند الجزائري في غاية المرام عند الكلام في أوقات الصلاة ؛ حيث وافق الشهيد في الدلالة على التوثيق ، بل قال : «فهذا الحديث يستفاد منه توثيق ابن حنظلة من غير شكّ ولاريب» . ۸
وربّما حكي عن بعض أفاضل معاصريه دلالة الحديث على القدح ؛ نظراً إلى أنّ معنى «إنّ عمر بن حنظلة لايكذب علينا إذاً» أنّه لايكذب في خصوص هذا الخبر الوارد في بيان الأوقات ؛ لأنّه من المشهورات التي لايُقبل [فيها ]من أحدٍ الكذبُ علينا ، ومفهومه حينئذٍ جواز الكذب عليه في غيره . وتنظّر فيه بأنّ نفي الكذب عن ابن حنظلة قبل بيان الوقت .
وما ذكره هذا الفاضل إنّما يتمّ لو كان كلامُه بعدَ بيان الراوي له ، وهو في محلّه ؛ حيث إنّ يزيد بن خليفة ـ على مارواه الكليني في باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ـ قال :
قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقتٍ قال ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إذاً لايكذب علينا» قلت ، قال : وقت المغرب إذا غاب القرص إلاّ أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهكان إذا جدّ به السير أخّر المغرب ويجمع بينها وبين العشاء فقال : «صدق» ۹ .
ومن الظاهر كمالَ الظهور عدم انعطاف نفي الكذب إلى الوقت المشهور ؛ لكون ذِكْرِ الوقت بعد نفي الكذب .
نعم ، الظاهر ـ بل بلا إشكال ـ أنّ «إذاً» وقتيّة ظرفاً للحال ، وأصلها إذن ، وقد رسمت بالألف كما حكى في المغني : أنّ الجمهور يكتبون إذن بالألف ، وكذا رسمت في المصاحف . ۱۰ والغرض نفي الكذب في زمان النفي ، فمقتضاه صدور الكذب في سوابق الأزمان .
واحتمال كون «إذاً» تعليليّة من شيخنا السيّد في غاية العلّة ؛ لعدم سبق معلول في المقام ، مع أنّه لم يذكر في «إذن» ولافي «إذاً» كونها تعليليّة ۱۱ .
وقال الفاضل التستري في حاشية التهذيب في أوائل الكتاب :
سيجيء في باب الأوقات رواية دالّة على مدحه، ـ يعني عمر بن حنظلة ـ وذكر في بعض كتب الرجال بدون جرح ولاتعديل ، والذي يحضرني من بعض المتأخّرين أنّه ذكر أنّه وجد توثيقه في بعض المواضع ، وأظنّ أنّ ذلك الموضع ماأشرنا إليه ، فإن كان نظره إلى ذلك ففيه شيء ۱۲ .
وأنت خبير بأنّ القناعة في تزييف الاستناد على التوثيق بحديث الوقت بقوله : «ففيه شيء» في غير المحلّ ، مضافاً إلى أنّ الحكم بالدلالة على المدح في الصدر ينافي التأمّل في الدلالة على المدح في الذيل . ۱۳
وقال السيّد الداماد في حاشية الاستبصار في باب آخر وقت الظهر والعصر عند ذكر الرواية المذكورة آنفاً يعني لمّا كان هو الراويَ فلايكذب ، أو أنّه لمّا روى الوقت فلايكذب؛ لأنّ خبر الوقت مشهور ، ولايتمكّن من الكذب علينا ، فلايدلّ على المدح والتوثيق ، بل على الذمّ والتضعيف ، ۱۴ ولكنّه بعيد .
ثمّ إنّه قد حكم الفاضل التستري في حاشية التهذيب والاستبصار عند الكلام في رواية عليّ بن حنظلة في تفسير القامة والقامتين في باب وقت صلاة الظهر والعصر بالذراع والذراعين بأنّ عليّ بن حنظلة كأنّه عمربن حنظلة على ماينبّه عليه الأخبار الواردة في طلاق المخالف ۱۵ ، ولكن ذكرهما الشيخ في الرجال مختلفين ۱۶ .
وأورد عليه العلاّمة البهبهاني بأنّ التنبيه الذي ذكره غير ظاهر من الأخبار ، والأخبار عن عليّ في كتب الأخبار كثيرة ، مع أنّ المعروف في طلاق المخالف روايات عليّ ۱۷ ، وقد روى الشيخ هذا المضمون عن عمر بن حنظلة ۱۸ ، ولاداعي إلى البناء على الاشتباه ، ولو كان فالرواية عن عمر أولى بالاشتباه ۱۹ .
وهو في محلّه ، وقد روى عليّ بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :
سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال : «إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب ، وإن شئت فاذكر اللّه فهو سواء» قال ، قلت : فأيّ ذلك أفضل؟ فقال : «هما واللّه سواء ، إن شئت سبّحت ، وإن شئت قرأت» ۲۰ .
قال الفاضل الخواجوئي : عليّ بن حنظلة لاقدح فيه ولامدح ، سوى أنّه كان من رواة الباقرين عليهماالسلام ، ولايخفى أنّ سؤاله عن أفضليّة أحدهما على الآخر
بعد حكمه عليه السلام بأنّهما متساويان في الفضيلة ممّا لامحلّ له ، بل هو ممّا يدلّ على سوء فهمه أو عدم إذعانه بما قال الإمام عليه السلام ، ولذلك أكّده بالقسم في قوله : «هما واللّه سواء»، ومَن هذا شأنه فالاعتماد على روايته مشكل ، فروايته هذه ممّا يقدح فيه .

1.تعليقة الوحيد البهبهاني: ۲۴۹ (ضمن منهج المقال) ، والرواية في الكافي ۳ : ۴۲۷ ، ح ۳ ، وتهذيب الأحكام ۳ : ۱۶ ، ح ۵۷ .

2.تهذيب الأحكام ۲ : ۱۷ ، ح ۴۷ ، باب نوافل الصلاة في السفر . وفيه : «وإنّي» بدلاً عن «أو إنّي» .

3.ما بين القوسين ليس في النسختين وإنّما أُضيف من المصدر .

4.في النسختين : «فارعدت» .

5.بصائر الدرجات : ۲۳۰ ، ح ۱ .

6.الكافي ۸ : ۳۳۴ ، ح ۵۲۲ ، باب فضل آل محمّد .

7.والأولى هنا وفيما مضى : «للنفس» .

8.غاية المرام غير موجود ونقله عنه ولد المصنّف في سماء المقال ۲ : ۱۵۰ .

9.الكافي ۳ : ۲۷۹ ، ح ۶ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة .

10.مغني اللبيب ۱ : ۳۱ ، المسألة الثالثة .

11.نقله ولد المصنّف في سماء المقال ۲ : ۱۵۰ .

12.حاشية التهذيب غير موجودة .

13.وفيه أنّه تأمّل في الدلالة على التوثيق لا الدلالة على المدح ، وليس بين التأمّل في الدلالة على التوثيق والحكم بالدلالة على المدح أيُّ تنافٍ .

14.حاشية الاستبصار غير موجودة .

15.تهذيب الأحكام ۸ : ۵۸ ، ح ۱۹۰ ، باب أحكام الطلاق ؛ والاستبصار ۳ : ۲۸۹ ، ح ۱۰۲۲ ، باب من طلّق امرأته ثلاث تطليقات مع تكامل الشرائط في مجلس واحد .

16.حكاه عنه العلاّمة البهبهاني في تعليقته : ۲۳۲ و ۲۴۹ ضمن منهج المقال ، وانظر منتهى المقال ۴ : ۴۰۷ / ۲۰۱۰ .

17.تهذيب الأحكام ۸ : ۵۸ ، ح ۱۹۰ ، باب أحكام الطلاق .

18.تهذيب الأحكام ۷ : ۴۷۰ ، ح ۱۸۸۳ ، باب الزيادات في فقه النكاح ؛ وج ۸ : ۵۶ ، ح ۱۸۳ ، باب أحكام الطلاق ؛ والاستبصار ۳ : ۲۸۹ ، ح ۱۰۲۲ ، باب من يطلّق امرأته ثلاث تطليقات .

19.تعليقة الوحيد البهبهاني : ۲۳۲؛ وانظر منتهى المقال ۴ : ۴۰۷ / ۲۰۱۰ .

20.تهذيب الأحكام ۲ : ۹۸ ، ح ۳۶۹ ، باب كيفيّة الصلاة وصفتها .

صفحه از 194