رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 174

[كلام القوشجي وردُّه ]

بقي أنّه قد عدّ القوشجي من معاني المولى : «الأولى بالتصرّف» قال : قال اللّه تعالى : «موليكم النار» ۱ أي أولى بكم ؛ ذكره أبوعبيدة ، وقال النبيّ صلى الله عليه و آله : «أيّما امرأة نكحت نفسها بغير إذن مولاها فنكاحها باطل» ۲ أي الأولى بها ، والمالك لتدبير أمرها . ومثله في الشعر كثير .
وبالجملة ، استعمال المولى بمعنى المتولّي ، والمالك للأمر والأولى بالتصرّف شائعٌ في كلام العرب ، منقولٌ عن أئمّة اللغة . والمراد أنّه اسم بهذا المعنى ، لاصفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنّه ليس من صيغة التفضيل ، وأنّه لايستعمل استعمالَه .
وينبغي أن يكون المراد به في الحديث ـ يعني قول رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفي حديث غدير : «ألست أُولى بكم من أنفسكم» قالوا : بلى ، قال : «فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه» ۳ ـ هو هذا المعنى ليوافق صدر الحديث ، أعني قوله : «ألست أُولى بكم من أنفسكم» .
أقول : إنّه لامجال لحمل «الأولى» ۴ في الآية على الاولى بالتصرّف أو المالك
لتدبير الأمر . نعم ، لابأس بالحمل على الأولى ۵ كما أنّه لابأس بحمله في الحديث المشار إليه على الأولى بالتصرّف ، لولم نقل بعدم رجوعه إلى محصّل صحيح ، والمرجع إلى «السيّد المطاع» .
والحمل على السيّد المطاع أولى من الحمل على المالك لتدبير الأمر ؛ لعدم قيام النبيّ صلى الله عليه و آله بتدبير الأُمور العاديّة المتعلّقة بالأُمّة ، وعدم صدق المالك لتدبير الأمر مع عدم القيام بتدبير الأُمور العاديّة . فقد أحسن من جرى على حمل المولى في الآية على الأولى ، وفي الحديث على السيّد المطاع .
بقي أنّه قد يذكر «مولاة» في ترجمة بعض النساء ، كما في ترجمة سعيدة ؛ حيث إنّه ذكر أنّها كانت مولاة جعفر عليه السلام ۶ .

1.كذا ، والآية المنظورة «مَأْوَلـكُمُ النَّارُ هِىَ مَوْلَـلـكُمْ» وهي في سورة الحديد (۵۷) : ۱۵ .

2.عوالي اللآلي ۱ : ۳۰۶ ، ح ۷ ـ ۸ ، وانظر مسند أحمد بن حنبل ۶ : ۶۶ .

3.شواهد التنزيل ۱ : ۱۸۷ ؛ الدرّ المنثور ۲ : ۲۹۸ ؛ فتح القدير ۳ : ۵۷ ؛ روح المعاني ۶ : ۱۶۸ ؛ تفسير الطبري ۶ : ۱۹۸ ، وانظر نهج الحقّ وكشف الصدق : ۱۷۲ .

4.كذا في النسختين. والأولى : «المولى» .

5.أي بلا ذكر المتعلّق وهو «التصرّف» .

6.رجال الكشّي ۲ : ۶۶۲ / ۶۸۱ .

صفحه از 194