رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 175

فائدةٌ [ 5 ] : [ فيما نقله النجاشي ]

قد حكى النجاشي في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى : أنّه كان محمّد بن الحَسَن بن الوليد يستثني من رواية محمّد بن أحمد بن يحيى مايرويه عن جماعة ، وعدّ من الجماعة في كلامه محمّد بن عيسى بن عُبَيد فيما رواه بإسناد منقطع ، والحسن بن الحسين اللؤلؤي فيما تفرّد به . ثمّ قال :
قال أبو العبّاس بن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمّد بن الحَسَن بن الوليد في ذلك كلّه ، وتبعه أبو جعفر بن بابويه إلاّ في محمّد بن عيسى بن عُبَيد ، فلا أدري ما رابه فيه ؛ لأنّه كان على ظاهر
العدالة والثقة ۱ .
قوله : «ما رابه فيه» الظاهر أنّه من فعل الريب ، أي لاأدري ماأوقَعَهُ في الريب فيه ، إلاّ أنّ الريب بمعنى الشكّ ، والمناسب أرابه ، لكن قال في المصباح: «رابني الشيء يَريبني : إذا جَعَلَك شاكّاً» ۲ .
ويمكن أن يكون اسماً من الرأي ، ۳ إلاّ أنّ مقتضى قوله : «إلاّ في محمّد بن عيسى بن عُبَيد» مخالفةُ ابن بابويه لابن الوليد في باب محمّد بن عيسى في الاستثناء ، فمقتضاه الاطّلاع على ماجرى عليه ابن بابويه ، ولوكان بالارتياب في الباب ، كما هو مقتضى قوله : «ما رابه» ـ بناءً على كونه من الريب ـ فلامجالَ لإظهار عدم الاطّلاع على الرأي المقتضي لاختفاء الحال بالكليّة ، بناءً على كون قوله : «ما رأيُهُ» من الرأي كما هو المفروض .
وبالجملة ، فالظاهر أنّ غَرَضَ ابن الوليد من استثناء ماتفرّد به اللؤلؤي ، هو عدم الوثوق بما تفرّد به من الرواية بواسطة عدم الوثوق بإسناده ، ولايستلزم هذا عدمَ اعتبار خبر الواحد ؛ إذ كثيراً مّايكون الراوي موثوقاً به فيعتبر خبره ويعمل به .
ويرشد إلى ذلك الاعتراضُ من ابن نوحٍ على ابن الوليد بأنّ اللؤلؤي كان على ظاهرِ العدالةِ والثقةِ .
لكن يشكل كلاًّ من كلام ابن الوليد وابن نوح لوكان بناءُ القدماءِ على العمل بالخَبَرِ المحفوف بالقرينة ، ولاسيّما لو كان البناءُ على العملِ بالخبرِ المحفوفِ بالقرينةِ العلميّة ، كمانقله المولى التقيّ المجْلِسي عن القدماء ۴ ، سواء كان الراوي
موثوقاً به أم لا ؛ لعدم اختصاص عدم اعتبار الرواية المنفردة ، باللؤلؤي ؛ فالاستثناء من ابن الوليد غير سديد ، ولايكفي كون الراوي على ظاهر العدالة والثقة ؛ فالاعتراض من ابن نوح محلّ الاعتراض .
وربّما يقال : إنّ غرضَ ابنِ الوليدِ عدمُ اعتبار الروايةِ الخاليةِ عن القرينة التي رواها اللؤلؤي .
وفيه : أنّ الظاهرَ أنّ الغرضَ عدمُ اعتبارِ ما انفرد به اللؤلؤي ، لا ماانفرد روايته ، وانفرادُ الراوي غيرُ انفراد الرواية ، مع أنّه لو كان بناءُ القدماء على اعتبار الخبر المحفوف بالقرينة ، فلااختصاصَ لعدم اعتبار الرواية المنفردة ، برواية اللؤلؤي ، كما أنّ اعتراضَ ابن نوح على ذلك في غير المحلّ .
وربّما يقال : إنّ غرضَ ابن الوليد أنّه لايكفي في رواية اللؤلؤي مايكفي في غيرها من القرينة ، ولابدّ لها من زيادة القرينة ، وغرض ابن نوح كفاية مايكفي من القرينة في سائر الموارد في رواية اللؤلؤي .
وأنت خبير بأنّه خلافُ ظاهر كلام ابن الوليد،وكذا خلافُ ظاهر كلام ابن نوح.

1.رجال النجاشي : ۳۴۸ / ۹۳۹ .

2.المصباح المنير ۱ : ۲۴۷ (ريب) .

3.أي : تُقرأ الكلمة رَأْيُهُ .

4.روضة المتّقين ۱ : ۱۸ .

صفحه از 194