رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 190

[في «صاحب العسكر» ]

وقد يقال : «صاحب العسكر» كما فيما رواه في التهذيب في أواخر باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات بالإسناد «عن فارس ، عن صاحب العسكر عليه السلام» ۱ إلى آخره ، إلاّ أنّه رواه سابقاً على ذلك في الباب المذكور على وجه الإخبار .
وفي بعض الروايات : «عليّ بن محمّد صاحب العسكر» .
وفي بعض روايات الفقيه في باب اللقطة والضالّة قال : «كتبت إلى الطيّب» ۲ وصرّح جماعة بأنّ المقصود الهادي عليه السلام . ويرشدُ إليه مافي بعض روايات زكاة الفطرة من الطيّب العسكري ۳ .
ونقل في البحار في باب أسماء الهادي وألقابه وكُناه عن الصدوق في العلل ومعاني الأخبار أنّه قال :
سمعت مشايخنا يقولون : إنّ المحلّة التي يسكنها الإمامان : عليّ بن محمّد والحسن بن عليّ بسرّ من رأى كانت تسمّى بعسكر ؛ فلذلك قيل لكل منهما : العسكري ۴ .
وقال في رياض العلماء بخطّه :
صاحب العسكر هو مولانا أبو الحسن عليّ بن محمّد التقيّ الهادي ، وقد شاع أنّ الوجه في تلقّبه عليه السلام بصاحب العسكر هو كونه في السامرة المعروف بعسكر وبعسكرا أيضاً ، وكأنّ هذا الوجه ممّالاوجه له ، بل الصواب كونه من جهة إظهاره عليه السلام عسكر اللّه تعالى وجيشه للخليفة العبّاسي معجزة كما رواه جماعة من علمائنا .
وهذا الوجه ممّا خطر ببالي في قديم الزمان ، ثمّ بعد مدّة في سنة سبعَ عَشَرَ ومائة وألف عثرت على كلام للسيّد عليّ خان والي الحويزة في كتاب نكت البيان ، وفي كتاب مجموعته في هذا الباب يطابق ماسنح بخاطري ، فهو من باب توارد الخواطر ، فأعجبني إيراده بعبارته :
قال قدس سره : وممّا تنبّهنا له من الكلام ممّا نظنّ أنّنا لم نُسْبَق إليه هو أنّه قد اشتهر
بين علماء الشيعة أنّهم يلقّبون الهادي عليه السلام بصاحب العسكر ويخصّونه بذلك ، دون ولده الحسن العسكري ، على أنّهم قد يلقّبون الهادي عليه السلامبالعسكري أيضاً ؛ لنزولهما في العسكر الذي هو «سرّ من رأى» .
وأمّا تخصيص الهادي عليه السلامبصاحب العسكر فربّما يظنّ أنّه نسبة إلى العسكر الذي هو البلد أيضاً . وليس كذلك وإلاّ لقيل للحسن عليه السلام : إنّه صاحب العسكر أيضاً ، على أنّ تَلَقُّبَ الهادي عليه السلامبصاحب العسكر بعيدٌ من النسبة إلى البلدة أيضاً ؛ لأنّه عليه السلاملم يكن صاحب اليد في زمانه عليها .
ولكنّ الظاهرَ أنّه لُقِّبَ بصاحب العسكر ؛ لأنّه أظهرَ عسكَره من الملائكة للخليفة المتوكّل لمّاعرض عليه عسكره ، كما ورد في الحديث المشهور بين الشيعة ۵ ؛ فلذلك لُقِّبَ بصاحب العسكر .
وأمّا الحديث الذي أشرنا إليه فهو ما ذكره صاحب كتاب الثاقب قال : إنّ الخليفة أَمَرَ العسكر ، وكان هو تسعين ألف فارس من الأتراك الساكنين بسرّ من رأى ، فأمرَ كلَّ واحدٍ منهم أن يملأمِخلاة ۶ فرسه من الطين الأحمر ويجعلوا بعضَه على بعضٍ بوسطِ بريّةٍ واسعةٍ هناك ، ففعلوا وصارت مِثْلَ جبلٍ عظيمٍ ، ثمّ صَعدَ فَوقَه ، ودعا بأبي الحسن عليه السلام وأصعده معه وقال : قد استحضرتك للنظارة ، وقد كان أَمَرَ عسكرَهُ بلبس التجافيف ۷ وأن يلبسوا الأسلحة ، فأقبلو وأحاطوا به بأحْسَن الزينة وتمام العدّة ، وكان غرضه أن يرهب بذلك أبا الحسن عليه السلام ، خوفاً من أن
يخرجَ عليه أحدٌ من أهل البيت بأمر أبي الحسن عليه السلام ، فقال عليه السلام : «وهل أعرضُ عليكَ عسكري؟» فقال : نعم ، فدعا اللّه تعالى ، فإذا مابين السماء والأرض من المشرق والمغرب مملوّة من الملائكة وهم مدجّجون ، فَغُشِيَ على المتوكّل ، فلمّا أفاق قال له أبو الحسن عليه السلام : «نحن لانتنافسكم بدنياكم وإنّما نحن مشتغلون بأُمور الآخرة ، فلاعليك بأس ممّا تظنّ» ۸ انتهى .
وفي القاموس قد عدّ من معاني العسكر سُرَّ مَنْ رأى ، قال : «وإليه نسب العسكريان : أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر ، وولده الحسن عليهم السلام» ۹ .
وقد ظهر ممّا سَمِعْتَ أنّ «العسكري» يُطلق على الهاديين عليهماالسلام ، وأمّا «صاحب العسكر» فهو يُطلق على الهادي عليه السلامفقط ، وقد يقال عن بعض الصادقين عليهم السلام كما فيما رواه في التهذيب في باب المياه وأحكامها ، ومايجوز التطهّر به ومالايجوز ۱۰ ، وفي الاستبصار في باب الوضوء بنبيذ التمر بالإسناد عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن بعض الصادقين عليهم السلام ۱۱ .

1.تهذيب الأحكام ۱ : ۲۸۴ ، ذيل ح ۸۳۱ ، باب تطهير الثياب من النجاسات .

2.الفقيه ۳: ۱۸۷، ح ۵، باب اللقطة والضالة.

3.الفقيه ۲ : ۱۱۶ ، ح ۵۰۱ ، باب زكاة الفطرة .

4.بحار الأنوار ۵۰ : ۱۱۳ ، ح ۱ ، أبواب تاريخ الامام العاشر .

5.مختار الخرائج : ۲۱۲ وحكاه في بحار الأنوار ۵۰ : ۱۵۵ ، ح ۴۴ ، باب تاريخ الإمام أبي الحسن الهادي عليه السلام .

6.المخلاة هي ما يجعل فيه العلف ويعلّق في عنق الدابّة لتعتلفه .

7.التجافيف : جمع التجفاف بالكسر وهو آلة للحرب يلبسه الفرس والإنسان ليقيه في الحرب ، انظر بحار الأنوار ۵۰ : ۱۵۶ .

8.لم نعثر عليه في رياض العلماء ، انظر مختار الخرائج : ۲۱۲ ، وحكاه في البحار ۵۰ : ۱۵۵ ، ح ۴۴ ، تاريخ الإمام أبي الحسن الهادي عليه السلام .

9.القاموس المحيط ۲ : ۹۲ (عسكر) .

10.تهذيب الأحكام ۱ : ۲۱۹ ، ح ۶۲۸ ، باب المياه وأحكامها .

11.الاستبصار ۱ : ۱۵ ، ح ۱ ، باب الوضوء بنبيذ التمر .

صفحه از 194