رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 37

[منظومة السيّد بحرالعلوم في ضبط أصحاب الإجماع ]

وأيضا قد حكي عن السيّد السند النجفي أشعار في ضَبْطِ الجماعة المتقدّمة المنقولِ في حقّهم الإجماع في كلام الكشّي يناسبُ ذكرُها في المقام ، قال قدس سره :
قد أجمع الكلّ على تصحيح مايَصحّ عن جماعةٍ فليعلما
وهم أُولو نجابة ورِفعةأربعة وخمسة وتسعة
فالستّة الأُولى من الأمجادأربعة منهم من الأوتاد
زرارةٌ كذا بُرَيدٌ قد أتىثمّ محمّد وليث يا فتى
كذا الفُضيل بعده معروفوهو الذي ما بيننا معروف
والستّة الوسطى أُولو الفضائلرتبتهم أدنى من الأوائل
جميلٌ الجميل مَعْ أبانوالعبدُلان ثمّ حمّادان
والستّة الأُخرى هُمُ صفوانويونسٌ عليهم الرضوان
ثمّ ابن محبوب كذا محمّدكذاك عبد اللّه ثمّ أحمد
وما ذكرناه الأصحّ عندناوشذّ قول مَن به خالفنا۱
قوله : «قد أجمع الكلّ»
الظاهر ـ بل بلاإشكال ـ أنّ هذه الأشعارَ نظم لعبارات الكشّي ، فهذا الإجماعُ المنقول هو الإجماع المنقول في كلام الكشيّ ، وليس إجماعاً منقولاً آخَرَ غير الإجماعِ المنقول في كلام الكشّي .
قوله : «أربعة منهم من الأوتاد»
المقصود بالأربعة : زرارة ، وبُرَيد بن معاوية ، ومحمّد بن مسلم ، وليث بن
البختري . وهو إشارةٌ إلى ما رواه الكشّي بسنده عن جميل بن درّاج قال :
سمعت أبا عبد اللّه عليه السلاميقول : «أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة : محمّد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين» ۲ .
وكذا ما رواه الكشّي كما مرّ بسنده عن جميل بن درّاج أيضاً قال :
سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : «بشّر المُخبتين بالجنّة : بُرَيد بن معاوية العجلي ، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي ، ومحمّد بن مسلم ، وزرارة ، أربعة نجباء ، أُمناء اللّه على حلاله وحرامِه ، لولا هؤلاء ، لانقطعت آثار النبوّة» ۳ .
وغيرهما ممّا رواه الكشّي ممّا يدلّ على رفع رتبة الأربعة ممّا مرّ وغيره .
قوله عليه السلام : «بشّر المخبتين»
قال البيضاوي في تفسير قوله سبحانه : «وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ»۴ : اطمأنّوا إليه وخَشعوا له ، من الخبت وهو الأرض المطمئنّة ۵ .
وفي المجمع : «وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ» أي اطمأنّوا وسكنت قلوبهم ونفوسهم إليه ، ومثله قوله : «فَتُخْبِتَ لَهُو قُلُوبُهُمْ»۶ والإخبات الخشوع والتواضع» ۷ .
قوله : «ثم محمّد» المقصود بمحمّد هو محمّد بن مسلم .
قوله : «وليث» المقصود به ليث بن البختري المرادي ، كما يظهر ممّا مرّ ، لكنّ الكشّي لم ينقل الإجماع في حقّه ، وإنّما نَقَلَ الإجماعَ في حقّه عن بعضٍ بدلَ
مَن ۸ نقل الكشّي في حقّه الإجماع أعني : أبا بصير الأسدي . وغرضُ السيّد السند المشار إليه ذِكْرُ الجماعة المنقولِ في حقّهم الإجماع في كلام الكشّي ، ولو كان غرضُه الجريَ على ما جرى عليه مَن نَقَلَ الكشّي عنه نقْلَ الإجماع ، لكانَ عليه الجريُ على ما جرى عليه مَن نَقَلَ الكشّي عنه نقْلَ الإجماع في الطبقة الثالثة أيضاً ؛ إذ لا وجه للتفرقة ، مع أنّ التخلّف عن كلام الكشّي غيرُ مربوطٍ بوجه يقتضيه .
قوله : «والعبدُلان» المقصود عبد اللّه بن مُسكان ، وعبد اللّه بن بُكير .
قوله : «كذا محمّد» المقصود محمّد بن أبي عُمَير .
قوله : «كذاك عبد اللّه » المقصود عبد اللّه بن المغيرة .
قوله : «ثم أحمد» المقصود أحمد بن محمّد بن أبي نصر .
قوله : «وشذّ قولُ مَنْ به خالفنا» الظاهرُ أنّه استفادَ من الكشّي التمريضَ في نقل الإجماع ممّن نقل عنه نقل الإجماع ، بناءً على كون الأشعار نظماً لعبارات الكشّي كما هو الظاهر كما سَمِعْت ، والغرض أنّ من جرى على عدم قبول الخبر في بعض الجماعة شاذّ ، وإلاّ فلو اختلف شخصان في نقل الإجماع على أمرٍ ، فلا معنى لنسبة الشذوذ من أحدهما إلى الآخر ، وسيأتي تحقيق الحال .
وبعد هذا أقول : إنّ الظاهر منه ـ حيث لم يجرِ على اختلاف التعبير بالتصديق والتصحيح ، بل جرى على التعبير بالتصحيح بالنسبة إلى جميع الطبقات حتّى الطبقة الأُولى ـ أنّه جرى على اتّحادُ مُفاد التصديق والتصحيح في كلام الكشّي . وليس بالوجه كما يظهر ممّا يأتي .

1.لم ترد الأبيات في منظومة السيّد بحرالعلوم ، بل وردت في رجاله (۱ : ۹۴) : إنّ للسيّد بحرالعلوم رسالةً في تحقيق معنى أجمعت العصابة على تصحيح مايصحّ عنهم ، فلعلّها هناك . وانظر خاتمة مستدرك الوسائل ۷ : ۶۱ ، الفائدة السابعة .

2.رجال الكشّي ۱ : ۵۰۷ / ۴۳۲ .

3.رجال الكشّي ۱ : ۳۹۸ / ۲۸۶ .

4.هود (۱۱) : ۲۳ .

5.تفسير البيضاوي ۲ : ۲۵۹ .

6.الحجّ (۲۲) : ۵۴ .

7.مجمع البحرين ۱ : ۶۱۷ (خبت) .

8.في «د» : «بدل أي» .

صفحه از 194