رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 70

[الكلام في حمّاد بن عيسى وعمره ووفاته ]

وبعد هذا أقول : إنّه كان ينبغي أن يعدّ حمّاد بن عيسى من طبقة تاسعة في من كان من أصحاب الباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام .
أمّا كونه من أصحاب الصادق عليه السلام فلما مرَّمن الشيخ في الرجال ۱ . وأمّا كونه من أصحاب الكاظم والرضا عليهماالسلامفلما مرّ من الشيخ ۲ والعلاّمة في الخلاصة ۳ . وأمّا كونه من أصحاب الباقر عليه السلامفللرواية المذكورة آنفاً .
إلاّ أن يقال : إنّ الباقر عليه السلام قُبِضَ في سنة أربع عشرة ومائة كما سَمِعت ، وحمّاد بن عيسى عاش نيّفاً وتسعين ، وتوفّي في سنة تسع ومائتين على ما ذكره الكشّي ۴ ، فلو روى عن الباقر عليه السلاميلزم أن يكون عمره قريباً من مائة وعشرين .
فالظاهر أنّ المقصود بالرواية المتقدّمة ماتقدّم ، لكن صفوان من أصحاب الصادق والكاظم والجواد عليهم السلام كما مرّ من الشيخ ۵ ، وجميل بن درّاج من أصحاب الصادق والكاظم عليهماالسلام كما مرّ من النجاشي ۶ والشيخ ۷ والعلاّمة ۸ ؛ فينحصر مَن كان راوياً عن الباقر عليه السلام في الجماعة المدلول عليها بقوله : «وجماعة ممّن روينا» ۹
أو يدخل فيهم .
ويمكن أن يقال : إنّه قال الصادق عليه السلام لحمّاد بن عيسى في الصحيح المشهور : «ما أقبح بالرجل منكم يأتي عليه ستّون سنه أو سبعون سنة ۱۰ » وكان الصادق عليه السلام قبض في سنة ثمان وأربعين ومائة ۱۱ كما مرّ ، فلو فرضنا أنّ هذا المقال كان في آخر عمر الصادق عليه السلام ، وفرضنا كون عمر حمّاد حين ذلك المقال ستّين سنة ، يلزم أن يكون حمّاد أدرك ستّة وعشرين من زمان الباقر عليه السلام فلا بأس برواية حمّاد عن الباقر عليه السلام .
لكنّه يندفع : بأنّه لو كان الأمرُ على ذلكَ ، لكثر رواية حمّاد عن الباقر عليه السلامبلا كلام .
إلاّ أن يقال : إنّ حمّاد بن عيسى كان محتاطاً في الرواية ؛ ولذا قد اقتصر فيما سَمِعه عن الصادق عليه السلام ـ وهو سبعون حديثاً ـ على عشرين حديثاً . قال الشيخ في الرجال نقلاً : «قال ـ أي حمّاد بن عيسى ـ : سَمِعت عن أبي عبد اللّه عليه السلامسبعين حديثا ، فلم أزل أُدخِل الشكّ في نفسي حتّى اقتصرت على هذه العشرين» ۱۲ .
لكنّه يندفع بأنّ اقتصار حمّاد على عشرين حديثاً إنّما هو في الرواية عن الصادق عليه السلام ؛ لخصوص ما تطرّق له من الشكّ فيما سَمِعَهُ عن الصادق عليه السلام ، ولذا لم يتأتَّ منه التعديد في روايته عن الكاظم والرضا عليهماالسلام .
ومع ذلك نقول : إنّه على ما ذكر يلزم أن يكون عمر حمّاد مائة وإحدى وعشرين سنة ، وهذا ـ بعد شدّة بُعده ـ ينافي ما ذكره الكشّي من أنّ حمّادا عاش نيّفاً وتسعين ، فالظاهر أنّ قوله عليه السلام : «ستّون أو سبعون سنة» من باب المثال ، لاخصوص حمّاد ، كيف ولو كان الغرض خصوصَ حمّاد ، كان ينبغي تعيين أحد
الزمانين ، بل لامجالَ للإبهام من الإمام عليه السلام .
وإن أمكن الذبّ عنه : بأنّ الترديد في الستّين والسبعين بواسطة عدم الاطّلاع على حقيقة الحال بالأسباب الظاهرة ؛ إذ العلم بالباطن كان غير معمول به من النبيّ صلى الله عليه و آلهوالأئمّة عليهم السلام ، ولذا كانوا يطلبون البيّنة من المدّعي ، ومن ذلك البناءُ على العموم في ترك الاستفصال عن حال الواقعة المتشخّصة الداخلة في الوجود مع الشكّ في علم الإمام التارك للاستفصال بحقيقة الحال .
لكن نقول : إن مقتضى ماذكر في زمان وفاة الصادق عليه السلام وزمان وفاة ابن أبي عُمير أنْ يكون عمر حمّاد بن عيسى حين وفاة الصادق عليه السلامنيّفاً وثلاثين ، والتعبير عليه بشدّة قبح عدم إقامة الصلاة بحدودها ممّن مضى عليه ستّون أو سبعون سنة ركيكٌ مستهجن .
إلاّ أن يقال : إنّه لمّا كان الغالب في الأعمار هو الستّين أو السبعين ، فالغرض أنّه لو كان عمر حمّاد مضى على ما جرى عليه ، لمضى عمره في ستّين أو سبعين مع عدم المعرفة بحال الصلاة بحدودها ، فالتعبير بملاحظة آخر عمر حمّاد ، لاعمرِه حالَ التعبير .
إلاّ أن يقال : إنّ الغالب عدم انتهاء الأعمار إلى السبعين بملاحظة العشرة الميشومة ، بل مقتضى عبارة العلاّمة في آخر القواعد في قوله : «بلغت من العمر الخمسين ، ودخلت في عشر الستّين ، وقد حكم سيّد البرايا بأنّها مبدأ اعتراك المنايا» ۱۳ كون العشرة الميشومة هي مابين الخمسين والستّين ، فالغالب عدم انتهاء الأعمار إلى الستّين ، وإن أمكن أن يكون المقصود إكمالَ عشر الخمسين والدخول في عشر الستّين ، مع أنّ الغالب البلوغ إلى الستّين ، وعلى أيّ حال لايتمّ التوجيه المذكور ولو في باب السبعين .

1.رجال الشيخ : ۱۷۴ / ۱۵۲ .

2.رجال الشيخ : ۳۷۱ / ۱ .

3.خلاصة الأقوال : ۲۵۶ / ۲ .

4.رجال الكشّي ۲ : ۶۰۴ / ۵۷۲ .

5.رجال الشيخ : ۳۵۲ / ۳ و ۳۷۸ / ۴ .

6.رجال النجاشي : ۱۲۶ / ۳۲۸ .

7.الفهرست : ۴۴ / ۱۵۳ .

8.خلاصة الأقوال : ۳۴ / ۱ .

9.أي: قول التهذيب المتقدّم في ص ۶۹.

10.الكافي ۳ : ۳۱۱ ، ح ۸ ، باب افتتاح الصلاة والحدّ في التكبير ... ؛ تهذيب الأحكام ۲ : ۸۱ ، ح ۶۹ ، باب كيفيّة الصلاة وصفتها ... .

11.الكافي ۱ : ۴۷۲ ، باب مولد أبي عبد اللّه عليه السلام ؛ تهذيب الأحكام ۶ : ۷۸ ، باب ۲۵ ، باب نسب أبي عبد اللّه . . . عليه السلام؛ الإرشاد للمفيد ۲ : ۱۷۹ .

12.رجال النجاشي : ۱۴۲ / ۳۷۰ .

13.قواعد الأحكام ۲ : ۳۴۶ .

صفحه از 194