رسالة في أصحاب الإجماع - صفحه 88

[في قولهم : «صحيح الحديث» في وصف الراوي والكتاب ]رسالة في أصحاب الإجماع

ومن ذلك أنّ قولهم : «صحيح الحديث» في بعض التراجم ـ كما في ترجمة عبد السلام بن صالح الهروي ۱ ، وأحمد بن إسماعيل ـ لايدلّ على اعتبار ما رواه الشخص من الأخبار ، ولو بالنسبة إلى مَنْ فَوقه من الواسطة بينه وبين المعصوم ، بل مقتضاه كون الشخص متحرّزاً عن الكذب ، موثوقاً به في النقل ، من دون دلالة على عدالة الراوي أو حسن حاله ۲ أو كونه إمامياً ، وإن حكم الشهيد الثاني في الدراية بأنّ «صحيح الحديث» في وصف الراوي بمنزلة «ثقة» ۳ بل استظهر منه سبطه المحقّق الشيخ محمّد في رسالته المعمولة في تزكية أهل الرجال الاتّفاقَ
على ذلك ۴ .
لكنّه ضعيف جدّاً .
وكذا حكم الفاضل الجزائري في ترجمة عبد السلام بأنّ قولهم : «صحيح الحديث» ينافي كون الراوي عامّياً ۵ .
لكن أورد عليه المحقّق الشيخ محمّد بأنّ الصحيح عند المتقدّمين ليس المراد به مايرويه الإمامي ، بل معناه ما ثبت بالأصل المأخوذ منه بأيّ نوعٍ كان من أنواع الثبوت .
وبمعناه ما أورد به الفاضل الكاظمي من أنّ الصحيح في كلام النجاشي في الترجمة المشار إليها غير المصطلح عليه عند المتأخّرين ۶ .
وهو في محلّه .
وبما ذكر يظهر ضعف مايظهر من المحقّق الشيخ محمّد في بعض كلماته من دلالة «صحيح الحديث» على عدالة من روى عنه الراوي ، وكذا ما ينصرح عن بعض الأعلام من دلالة «صحيح الحديث» على حُسْن حال من روى عنه الراوي ۷ .
وكذلك قولهم : «صحيح الحديث» في وصف الكتاب ـ كما في ترجمة الحسن بن عليّ بن النعمان ۸
ـ لايقتضي اعتبار مارواه صاحب الكتاب ، ولو بالنسبة إلى مَنْ فَوقه من الواسطة بينه وبين المعصوم ، بل مقتضاه كون أخبار الكتاب مأمونة عن الكذب ، من دون دلالة على عدالة صاحب الكتاب حال رواية أحاديث الكتاب .
وإن حكم الفاضل الاسترآبادي بأنّ ذلك يقتضي عدالة الراوي حال رواية أحاديث الكتاب ۹ .
لكن قد أجاد من أورد عليه بأنّ تصحيح الكتاب لايستلزم عدالة الراوي ؛ إذ لعلّه عرف صحّة أحاديث الكتاب من القرائن الخارجة .
ومزيد الكلام موكول إلى ما حرّرناه في الرسالة المعمولة في «تصحيح الغير» وبعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن أبي داود .
وممّا ذكرنا [ظهر] أنّ بعض أرباب الرجال جعل الأمر على القول الثاني من القولين المتقدّمين في المقام بمنزلة صحيح الحديث . وماذكره بعض في وجه غير بعيد ـ من دلالة صحّة الحديث على اعتبار مادونه الشخص وإن كان مرويّاً عن المعصوم مع الواسطة ـ ليس بشيء ، وإلاّ للزم أن يقول بدلالة الإجماع على التصحيح على اعتبار الخبر باعتبار خبر مَنْ قيل في ترجمته : «صحيح الحديث» وإن تطرّق الضعف في من فوقه؛ لإخبار بعض أهل الخبرة باعتبار الخبر ، بناءً على كفاية تصحيح الخبر في اعتباره ، كما يأتي .
نعم ، تصحيح الحديث بقول مطلق في كتب الفقهاء ظاهر في اعتبار الخبر ، بل وثاقة رجال السند بأسرهم لوكان التصحيح في كلام المتأخّرين .
والظاهر أنّه يلحق به ما لو قيل : «مارواه فلان في الصحيح» إلاّ أنّه لوقيل : «وفي صحيح فلان» أو «في الصحيح عن فلان» فإنّما يدلّ على اعتبار السند إلى الفلان ، ولادلالة فيه على اعتبار الخبر باعتبار مَنْ فَوقَ الفلان .
نعم ، غاية الأمر الدلالة على اعتبار الفلان في الأوّل كما أنّه تتعيّن الدلالة على اعتباره فيه لو قيل : في صحيح فلان على الصحيح .
وبالجملة ، مرجع ماذكرناه إلى أنّ مجرّد كون المقصود بالموصول هو الحديث لايجدي في المقصود ، بل لابدّ من دلالة إضافة الصحّة على اعتبار تمام أجزاء السند ، وهذه الدلالة في كلمات أرباب الرجال غير ثابتة ، وإن كانت ثابتةً في كلمات الفقهاء .
سلّمنا ، لكن نمنع دلالة تصحيح الحديث المقيّد بشخصٍ ـ كما في المقام بناءً على كون المقصود بالموصول هو الحديثَ ـ على اعتبار الحديث باعتبار مَنْ فَوق الشخص المقيّد به الحديث ، وإن كان تصحيح الحديث بقول مطلق دالاًّ على اعتباره باعتبار تمام أجزاء سنده .
ويمكن الدفع بأنّ المدارَ في صحّة الحديث على اعتبار تمام أجزاء السند ، ولاريب أنّ الصحّة في «يصحّ» باعتبار مَنْ دون أصحاب الإجماع . وأمّا التصحيح فالصحّة فيه ـ بناءً على القول الأوّل من القولين المتقدّمين في المقام ـ إنّما تكون باعتبار أنفس أهل الإجماع ومَن فوقهم ، وهذا من باب خلاف الظاهر ، فلاترجيح فيه على الحمل على صحّة الحديث باعتبار أنفس أهل الإجماع ، والمدار في المقام على المقصود بالتصحيح .
إلاّ أن يقال : إنّ المدار في صحّة الحديث عند القدماء على الظنّ بالصدور ، وإن كان بعضُ أجزاء السند خالياً عن الاعتبار ، وعلى القول الأوّل تكون الصحّة محمولة على ظاهرها ، بخلاف ما لو حملت على اعتبار الحديث باعتبار أنفس أهل الإجماع .
إلاّ أن يقال : إنّ الظاهر أنّ الإجماع على التصحيح باعتبار عدالة أصحاب الإجماع ومَنْ فوقهم بناءً على مايأتي من دلالة نقل الإجماع على وثاقة الجماعة ومن فوقهم ، فحمل الصحّة في التصحيح على اعتبار الحديث باعتبار أصحابه الإجماع ومن فوقهم ليس أولى من الحمل على الاعتبار باعتبار أصحاب الإجماع فقط .
إلاّ أن يقال : إنّ الأوّل أظهر ، لكن نقول : إنّه بعد تسليم كون الأوّل أظهرَ يتطرّق الفتور على الظهور بعطف «التصديق» على «التصحيح» ، كما يظهر ممّا يأتي آنفاً .
وبعد هذا أقول : إنّه لو كان المقصودُ بالموصول هو الحديثَ ، فلا مجال لأن يكونَ الغرضُ الإجماعَ على صحّة الحديث باعتبار جميع أجزاء السند ؛ لفرض صحّة مَنْ دون أصحاب الإجماع ؛ إذ على ذلك يلزم الإجماع على صحّة الصحيح ، فلابدّ من كون الغرض الإجماع على صحّة الحديث باعتبار أصحاب الإجماع مع مَنْ فوقهم ، أو باعتبار أصحاب الإجماع فقط ، وليس الحمل على الأوّل أولى من الحمل على الثاني ، ودعوى ظهور الحمل على الأوّل تندفع بما سمعت .
والفرق بين هذه المقالة والمقالة السابقة : أنّ المدار في المقالة السابقة على عدم استلزام كون المقصود بالموصول هو الحديثَ صحّةَ الحديث باعتبار جميع أجزاء السند ، والمدار في هذه المقالة على امتناع ذلك ، وهو أولى وأحسن . هذا ماكتبته سابقاً .
وتحرير الحال : أنّه إن كان المقصودُ بالموصول هو الحديثَ ، فحمل التصحيح على الحكم بصحّة الحديث باعتبار جميع أجزاء السند يستلزم الحمل على الحكم بصحّة الحديث باعتبار الجزء الصحيح ، أعني النصف التحتاني ـ مثلاً ـ أي مَنْ دون الجماعة ، والحملُ على الحكم بصحّة الحديث باعتبار النصف الفوقاني ـ أعني أنفس الجماعة ومَنْ فوقهم ـ ليس أولى من الحمل على الحكم بالصحّة باعتبار أنفس الجماعة .
وبعد هذا أقول : إنّ عطف التصديق على التصحيح يدلُّ دلالةً قويّة ويكشف كشفاً كاملاً عن كون المقصود بالموصول هو الإسنادَ ، أو كونِ المقصود بتصحيح الحديث الذي صحّ عن هؤلاء هو الحكمَ بصحّته ممّن روى عنه هؤلاء من الإمام أو الرواة بلاواسطة .
وما ذكره بعض الأعلام ـ من أنّ الجمع بين التصحيح والتصديق من جهة الإشارة إلى كون روايات أهل الطبقتين الأخيرتين بعضها بلاواسطة ، وبعضها مع الواسطة كما مرّ ـ يضعف بأنّه وإن كان تدقيقاً رشيقاً إلاّ أنّ مراعاة مثله في كلام القدماء ـ ولاسيّما أهل الرجال ، ولاسيّما الكشّي ـ غير ثابتة ، بل الظاهر عدمه .
فانظر اشتمال عبارات الكشّي في المقام على وجوه من التفنّن والتسامح ؛ حيث إنّه عنون الكلام في أهل الطبقة الأُولى بقوله : «في تسمية الفقهاء» والكلامَ في الطبقتين الأخيرتين بقوله : «تسمية الفقهاء». وزاد قوله : «لما يقولون» في الطبقة الثانية دون الأُولى والأخيرة . وزاد قوله : «والعلم» في الطبقة الأخيرة دون الأُولى والثانية . وعبّر بقوله : «أصحابنا» في الطبقة الأخيرة ، وب «العِصابة» في الطبقتين الأُوليين . والظاهر أنّ الإشارات بقوله : «هؤلاء» في العبارات الثلاث راجعة إلى ما تأخّر عن الإشارة ، أعني الجماعة المذكورة . ولايخفى مافيه من المسامحة ، وإن تداول مثله ، كما يقال : فانظر إلى هذه العبارة ، والعبارةُ مذكورة بعد الكلام المذكور .
وإن قلت : إنّه يلزم على ما ذكرت التأكيدُ في العطف ، والتأسيسُ أولى من التأكيد .
قلت : إنّ العطف التفسيري كثير غايةَ الكثرة ، وهو المناسب للمقام ؛ لغموض المعنى في المعطوف عليه ، بل لاخفاء عند التدبّر في ظهور العطف هنا في التفسير ، مع أنّه على تقدير حمل العبارة في المعطوف عليه على الإجماع على اعتبار الخبر يلزم التأكيد ، بناءً على ظهوره في وثاقة الجماعة فقط ، أو مع مَنْ فَوقهم ، كما هو الأظهر ممّا يأتي .
وبعد هذا أقول : إنّه ذكر الشيخ في الفهرست في ترجمة ابن أبي عمير أنّه روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى كُتُبَ مائة رجل من رجال أبي عبد اللّه ۱۰ ، والظاهر
ـ بل المقطوع به الذي لاينبغي الريب فيه من أحدٍ ـ أنّ جميع مافي كُتُبِ مائة رجل لم يكن أخباراً معتمدة ، بل لو كان الأمر على هذا ، لأشار إليه الشيخ قطعاً ؛ لكونه مزيّةً كاملة للراوي والمرويّ عنه ، أعني محمّد بن عيسى وابن أبي عمير .
وأيضاً حكى الشيخ في الفهرست عن ابن بطّة أنّ له ـ أعني ابن أبي عمير ـ أربعة وتسعين كتاباً ۱۱ .
ولاخفاء في بُعْد اعتبارِ جميع ما في الكتب الأربعة وتسعين كتاباً ، بل هذا ـ مع قطع النظر عن بُعْده في نفسه ـ يُبعّده عدم الإشارة إليه من ابن بطّة .
اللهمّ إلاّ أن يقال بعدم اطّلاعه عليه ، إلاّ أنّه واضح الفساد ؛ إذ مَن أجمع على حاله العِصابةُ كيف يخفى حاله عن شخص خبير ماهر من أهل الفنّ ۱۲ ؟!
إلاّ أن يقال : إنّه لابُعْدَ في عدم ثبوت الإجماع عنده ، وأيضا صرّح جماعة ـ نقلاً ـ بأنّ ابن أبي عُمَير لايرسل إلاّ عن ثقة ، بل عن جماعةٍ دعوى اتّفاق الأصحاب على العمل بمراسيل ابن أبي عُمَير ، بل صرّح الشيخ في العدّة بأنّ ابن أبي عمير لايرسل إلاّ عن ثقة ۱۳ .
إلاّ أن يقال : إنّه على تقدير كون المقصود ۱۴
بنقل الإجماع هو الإجماعَ على اعتبار الخبر ، لَما كان حاجةٌ إلى إظهار عدم الإرسال إلاّ عن ثقة ، فضلاً عن عدم الرواية إلاّ عن ثقة .
إلاّ أن يقال : إنّه ـ على تقدير كون المقصود بنقل الإجماع هو الإجماعَ على اعتبار الخبر ـ لايتأتّى وثاقة الجماعة ، ولاوثاقة من روى عنه الجماعة من الوسائط المتوسّطة بينهم وبين المعصوم ؛ لكون المقصود صحّة الخبر بمعنى الظنّ
بالصدور ولو كان من القرائن ، فلامنافاة بين كون المقصود به الإجماعَ على اعتبار الخبر مع عدم وثاقة من روى عنه الجماعة ، إلاّ أنّه ضعيف بما يأتي من أنّ الأظهر اقتضاء نقل الإجماع على اعتبار الخبر ـ على تقدير كونه هو المقصودَ بنقل الإجماع ـ وثاقة الجماعة ومن رووا عنه من الوسائط .
كما أنّ الأظهر ـ على تقدير كون المقصود بنقل الإجماع هو الإجماع على الصدق ـ اقتضاء نقل الإجماع وثاقةَ الجماعة .
وأيضاً قد حكى في ترجمة بعضٍ مجهولٍ روايةَ بعض الجماعة عنه كما في برد الإسكاف ؛ حيث إنّه ذكر الشيخ في الرجال أنّ له كتاباً يرويه ابن أبي عمير عنه ۱۵ ، وهو غير مذكورٍ بمدحٍ ولاتوثيق ، وكذا الحال في الحَكَم بن أيمن الحنّاط ، حيث ذكر النجاشي أنّ له كتاباً يرويه ابن أبي عمير ۱۶ .
إلاّ أن يُذبّ بما سَمِعت ضعفه آنفاً ، أو يذبَّ بأنّه لعلّه لم يثبت الإجماع عند غير الشيخ ، ومن هذا أنّه لم يتّفق ادّعاؤه في كلام غيره .
وأيضاً لو كان المقصودُ الإجماعَ على اعتبار الخبر ، لاشتهر كلّ من الجماعة بأنّه لايروي إلاّ عن ثقة ، ولاأقلّ من الاشتهار بعدم الرواية إلاّ أخباراً معتمدة ، مع أنّ كلام الكشّي وغيره في تراجم الجماعة خالٍ عن جميع ما ذكر .
إلاّ أن يقال : إنّ كلام النجاشي وغيره خالٍ من نقل الإجماع على صدق الجماعة أيضاً ، ولعلّه لم يثبت الإجماع عند غير الكشّي ، فالإيراد مشترك الورود .
إلاّ أن يقال : إنّ المستدلّ هو من يريد الحكم بصحّة الخبر ، ولابدّله من دفع الإيراد ولاحاجة لنا إلى دفع الإيراد ؛ إذ الإجماع على الصدق هو القدر المتيقّن .
وبعد مامرّ أقول : إنّه يمكن أن يقال : إنّه لو كان المقصود بنقل الإجماع هو مجرّدَ صدق الجماعة ، فلاوجه لتخصيص الجماعة بالذكر ؛ لاشتراك الصدق بينهم
وبين أشخاص أُخر لاتحصى .
وفيه : أنّ الغرض من ذكر الجماعة ليس بيانَ الأشخاص المتّصفين بالصدق فقط حتّى ينتقض بأشخاص لاتحصى ، بل الغرض بيان الأشخاص المتّفق على صدقهم كما لايخفى ، ولم يثبت تجاوز الاتّفاق على الصدق عن الجماعة ، فلم يثبت انتقاض تخصيص الجماعة ، فالاعتراض بالانتقاض المزبور في غاية السقوط .
وقد يقال : إنّ المتّفق على صدقه كثير ولايختصّ بالجماعة ، فلاوجه لتخصيصها بالذكر .
وفيه : أنّ غاية مايمكن إثباته إنّما هو اتّفاق جماعة من أرباب كُتُب الرجال المعروفة ، وأين هذا من اتّفاق العِصابة ؟
سلّمنا، لكنّ غايه الأمر ثبوت متَّفَق على صدقه في الجملة وإن كان من أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله أو سائر الأئمّة عليهم السلام . وأمّا ثبوت متَّفَق على صدقه من أصحاب الباقرين أو الصادق أو الكاظمين عليهم السلام المذكورين في كلام الكشّي فدونه الكلامُ وأيّ كلام .
سلّمنا ، لكنّ ثبوت متّفق على صدقه من فقهاء أصحاب الأئمّة المذكورين دونه خَرْطُ القَتادِ ، والمذكور في كلام الكشّي هو الجماعة المتّفق على صدقهم من أصحاب هؤلاء الأئمّة المذكورين .
وقد يقال : إنّ حمل كلام الكشّي على الإجماع على الصدق حملٌ لكلامه على مايتضمّن خلاف الواقع ؛ إذ بعض الجماعة لم يذكر في حقّه مدح ولاتوثيق ، كمعروف بن خرّبوذ .
وفيه : أنّ خلوّ كلام من تأخّر عن الكشّي عن المدح أو التوثيق لاينافي صدق دعوى الإجماع على الصدق من الكشّي .
نعم ، خلوّ كلام من تقدّم عليه عن المدح أو التوثيق ينافي ذلك ، بناءً على ظهور عبارة الكشّي في دعوى الإجماع على وثاقة الجماعة ، أو مع مَنْ فَوقهم على
الأخير ، أعني الخلوّ عن التوثيق ، ومطلقاً على الأوّل ، أعني الخلوّ عن المدح ، إلاّ أنّه لايخرج به عن ظاهر كلامه ولايرفع الظنّ بصدقه ؛ فتدبّر .
كما أنّ ظهور خطأ الكشّي في بعض الجماعة بالنسبة إلى بعض العِصابة لايوجب ارتفاع الظنّ من كلامه بالاتّفاق في الباقي من الجماعة ، بل لايوجب ارتفاع الظنّ باتّفاق الباقي من العِصابة في ذلك البعض من الجماعة ، فلا أقلّ من الشهرة بين العصابة فيه ؛ فلابأس بالتمسّك بكلامه . وعلى أيّ حال ظاهر كلامه ما ذكرناه .
وأيضاً يتأتّى الاعتراض المزبور على تقدير حمل كلامه على اعتبار الخبر أيضاً ، بناءً على اقتضائه وثاقةَ الجماعةِ فقط ، أو مع مَنْ فوقَهم ، وأيضاً دعوى كون المعروف مجهولاً ليست على ماينبغي ، كما يظهر ممّا يأتي .
ثمّ إنّه قد ذكر شيخُنا البهائي في حاشية منسوبة إليه ـ تعليقاً على قوله في أوائلِ مَشْرِقه : «أو على تصحيح مايصحّ عنهم كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبد الرحمن ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي» بعد قوله : «ومنها وجوده في أصل معروف الانتساب إلى الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة ، ومحمّد بن مسلم ، والفضيل بن يسار» ۱۷ ـ : أنّ الغرض من التصحيح هو عدم رواية الجماعة إلاّ عن الثقة ، أو عدم إرسالهم إلاّ عن الثقة ، أو عدم اعتنائهم بغير الثقة ، والكلُّ عجيبٌ والمدار في الأوّل على عدالة خصوص من روى عنه الجماعة بلاواسطة ، لاعلى عدالة الجماعة ، فضلاً عن كلّ من توسَّط بين المعصوم عليه السلاموالجماعة على تقدير تعدّد الواسطة ، كما هو الحال على كون المقصود صحّة الحديث،بناءً على كون الغرض عدالة الجماعة ومن فَوقَهم،ولاصحّه الحديث فقط كما هو الحال على القول المذكور ، بناءً على كون المقصود صحّة الحديث فقط.
فالفرق بينَ ما ذكره وكون المقصود عدالةَ الجماعة ومَنْ فَوقَهم ، أو صحّة الحديث فقط ظاهر .
وأمّا الفرق بينه وبين كون المقصود عدالة الجماعة أو صدقهم ، فلاخفاء فيه .
بقي أنّ الضمير المضاف إليه في نقل القول عن الأبعاض الثلاثة في قوله : «وقال بعضهم» هو العِصابة أو الأصحاب .
وربّما يتوهّم : أنّه على هذا يلزم أن يكون الأبعاض ناقلين للإجماع على الأبدال ، ومن المجمعين على التصديق والتصحيح في حقّ المبدَلين عنهم ، فالأبعاض لم يذكروا المبدلين عنهم في عِداد الأشخاص الذين ادّعوا الإجماع في حقّهم ، مع كونهم من المجمعين في حقّهم ، أعني المبدلين ، وإنّما ذكروا الأبدال ؛ وهو كماترى .
ويندفع بأنّ الأمر على هذا من قبيل الاستثناء ، فكأنّه قيل : «أجمعت العصابة إلاّ البعض» فإنّه ذكر في موضع بعض الأشخاص شخصاً آخَرَ ، فليس الأبعاض من المجمعين .

1.رجال النجاشي : ۲۴۵ / ۶۴۳ ؛ خلاصة الأقوال : ۱۱۷ / ۲ .

2.اين تحقيق ، توسط كنريك در سال ۱۹۹۳م انجام شده است (ر. ك: روان شناسى اجتماعى با نگرش به منابع اسلام، ص۲۵۳).

3.م اين تحقيق نيز توسط كنريك و همكاران او در سال ۱۹۸۰ م انجام شده است (ر. ك: همان جا) .

4.«أو حسن حال» ليس في «ح» .

5.الدراية : ۷۶ .

6.رسالته هذا غير موجودة .

7.حاوي الأقوال ۲ : ۱۰۸ / ۴۴۸ .

8.عدّة الرجال ۱ : ۱۱۸ . مؤقّت .

9.حكاه عن قائل في عدّة الرجال ۱ : ۱۱۸ قال : «ولقائل أقصاه الصدق والضبط» .

10.رجال النجاشي : ۴۰ / ۸۱ .

11.منهج المقال : ۱۰۵ .

12.الفهرست : ۱۴۲ / ۶۱۷ .

13.الفهرست : ۱۴۲ / ۶۱۷ .

14.في «ح» : «الظنّ» .

15.عدّة الأُصول ۱ : ۱۵۴ .

16.في «د» : «ولو كان المقصود» .

17.رجال الشيخ : ۱۵۸ / ۵۸ و ۱۰۹ / ۲۱ و ۸۴ / ۴ . ولم نجد فيها : «له كتاب يرويه ابن أبي عمير» .

18.رجال النجاشي : ۱۳۷ / ۱۰۷ . وفيه : «الخيّاط» .

19.مشرق الشمسين : ۲۷ .

صفحه از 194