رسالة في ابن الغضائري - صفحه 373

[المقام] الأوّل : [ في تشخيص اسم ابن الغضائري ]

أمّا الأوّل فقد وقع الخلاف فيه بين الوالد والولد ، أعني الحسين بن عبيد اللّه بن إبراهيم أبا عبد اللّه ، والأحمدَ بن الحسين المزبور .
فمقتضى صريح الشهيد الثاني في إجازة والد شيخنا البهائي أنّه الحسين بن عبيد اللّه ۱ ، وبه يُصرّح ما ذكره في المجمع من أنّ «الحسين بن عبيد اللّه الغضائري شيخ الطائفة ۲ ، عارف بالرجال ، له تصانيفُ كثيرة ، سمع الشيخ الطوسي منه وأجازه جميع رواياته» ۳ .
وكذا ما نقله عن الذهبي في كتاب ميزان الاعتدال من أنّ : «الحسين بن عبيد اللّه الغضائري شيخ الرافضة» ۴ .
ويقتضيه ما صنعه العلاّمة في الخلاصة في ترجمة سهل بن زياد ؛ حيث إنّه نقل عن النجاشي نقل تضعيف السهل عن جماعة ، منهم أحمد بن الحسين فقال :
«وقال ابن الغضائري : إنّه كان ضعيفا جدّا فاسد الرواية والحديث ۵ ، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري أخرجه من قمَّ» ۶ .
فإنّ مقتضاه كون ابن الغضائري غير الأحمد ، وإذا كان ابن الغضائري غير الأحمد فهو مُعيّن في الحسين ؛ لانحصار القول في الوالد والولد .
وهو ظاهر الفاضل الاسترآبادي ؛ حيث إنّه عنون الحسين دون الأحمد ، لكنّه حكم في ترجمة الحسين بن أبي العلا ، بأنّ الظاهر أنّ الأحمد هو ابن الغضائري ۷ .
ولعلّه الظاهر من السيّد السند النجفي ؛ حيث إنّه عنون الحسين أيضا دون الأحمد ۸ ، إلاّ أنّه لم يكن بناؤه على الاستيفاء والاستقصاء ، فلعلّ عدم ذكر الأحمد من هذه الجهة .
ونقله في الحاوي عن بعض معاصريه ۹ ؛ وهو المحكيّ في الكلام المحكيّ عن الشيخ فرج اللّه عن بعض المتأخّرين ۱۰ .
وربّما حكي عن المحقّق الشيخ محمّد ۱۱ الميل إليه ، بملاحظة أنّ العلاّمة قال في ترجمة أحمد بن خاقان : «وقال النجاشي : مُضطرب ، وقال ابن الغضائري : كوفيّ ضعيف يروي عن الضعفاء» حيث إنّ مقتضى مقابلة النجاشي وابن الغضائري ، مساواة النجاشي وابن الغضائري في الوثاقة ، ولم يُسمع توثيق أحمد من أحد ، فمقتضى المقابلة كون ابن الغضائري هو الحسينَ لا الأحمدَ .
نعم،لو كان ابن الغضائري في المقام هو الأحمدَ ، فيمكن استفادة توثيقه من المقابلة.
وجرى جماعة على أنّه الأحمد ، والجماعة بين مَن جرى على ضعفه ؛ لجهالته كما عن المُقدَّس في بعض تعليقات الخلاصة ۱۲ ، و[مال] ۱۳ إليه السيّد السند التفرشي ۱۴ ، وصاحب الحاوي ۱۵ واختاره المحقّق الشيخ محمّد في أوائل شرح الاستبصار ، وحكم في بعض تعليقات المنهج ـ بعد أن حكم بعدم دلالة ما سمعت من العلاّمة في الخلاصة على كون ابن الغضائري غيرَ أحمدَ ، تعليلاً بأنّ العلاّمة إنّما ذكر كلام ابن الغضائري مفصّلاً بعد نقله عن النجاشي مجملاً ـ بأنّ ما ذكره جدّه من أنّ ابن الغضائري هو الحسين بن عبيد اللّه لا وجه له .
وهو المحكيّ عن صاحب المعالم .
ومَن بنى على ضعفه ؛ لكثرة جرحه كما لعلّه يرجع إليه كلام السيّد الداماد ؛ حيث إنّه صرّح بأنّ ابن الغضائري هو الأحمد سليل الحسين لا الحسين ، لكن قال : «إنّه في الأكثر مسارع إلى التضعيف بأدنى سبب» ۱۶ .
وقد بنى الفاضل الخواجوئي على اقتضاء نسبة المُسارعة إلى التضعيف ضعْفَه وسوءَ حاله . لكن يمكن أن يكون نسبة المسارعة إلى التضعيف غيرَ مبنيّة على دعوى الضعف ، بل كان الغرض فرط الاحتياط ، وشدّة سَعَة دائرة الاحتياط كما هو الحال في القمّيين ، وليس هذا ممّا يوجب سوء الحال ۱۷ .
وصريح الفاضل الاسترآبادي في ترجمة إبراهيم بن عمر اليماني يقتضي المصير إلى ذلك ، أعني الضعف من جهة كثرة التضعيف ؛ حيث إنّه حكم بأنّ
ابن الغضائري غير مقبول. قال: «نعم ربّما قبل قوله عند الترجيح وعدم المعارض، فإنّه مع عدم توثيقه قد كثر منه القدح في جماعة لا يناسب ذلك حالهم» ۱۸ .
إلاّ أن يقال : إنّ مقتضى صريح قوله : «مع عدم توثيقه» دعوى الضعف من جهة الجهالة ، مضافاً إلى الضعف من جهة كثرة التضعيف .
ولايذهب عليك أنّه في ترجمة الحسين بن أبي العلا ، بعد استظهار أنّ الأحمد هو ابن الغضائري ـ كما مرّ ـ حكى عن ظاهر الأصحاب قبولَ قوله مع عدم المعارض ۱۹ .
والتنافي في البين بيّنٌ ؛ لظهور قوله : «وربّما قبل قوله عند الترجيح وعدم المعارض» في ندرة مَن بنى على قبول قوله مع عدم المعارض وهذا يُنافي صريح نقله عن ظاهر الأصحاب قبول قوله مع عدم المُعارض ، ومَن جرى على وثاقته كالفاضل العناية ۲۰ ، وعلى هذا المجرى جرى الفاضل الخواجوئي ۲۱ بل هو قد بالغ في تحقيق توثيقه بل أحياه على التحقيق .
ومقتضى صريح المولى التقيّ المجلسي فيما نقله الفاضل الخواجوئي ۲۲ من كلامه ـ كما يأتي ـ جهالةُ شخصه وحاله ، وظاهر دعوى جهالة الشخص ، هو التردّد بين الوالد والولد من باب التوقّف ، لا القولِ بالاشتراك ، لكن مرجع كلامه إلى ضعفه باعتبار كثرة جرحه ، وإن كان مجهولاً بشخصه ، كما بنى عليه الفاضل الخواجوئي .
إلاّ أنّه يمكن أن يكون كثرة الجرح غير مبنيّة على الضعف كما سمعت ، ومع هذا مقتضى كلام المولى المشار إليه في شرح مشيخة الفقيه اشتراك ابن الغضائري بين الوالد والولد ، وظاهره وثاقة الوالد ، وصريحه جهالة حال الولد ۲۳ .
وقال العلاّمة المجلسي في البحار : نقلاً تارة :
وكتاب الرجال للشيخ أبي عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه الغضائري ، كذا ذكره الشهيد الثاني رحمه الله ، ويظهر من رجال السيّد ابن طاووس قدّس سرّه ـ على ما نقل عنه شيخنا الأجلّ مولانا عبد اللّه التستري ـ أنّ صاحب الرجال هو أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه ، ولعلّه أقوى ۲۴ .
وأُخرى :
وكتاب رجال ابن الغضائري ، وهو إن كان للحسين فهو من أجلّة الثقات ، وإن كان لأحمد ـ كما هو الظاهر ـ ، فلا أعتمد عليه كثيرا ، وعلى أيّ حالٍ فالاعتماد على هذا الكتاب يُوجب ردّ أكثر أخبار الكتب المشهورة ۲۵ .
ومقتضى العبارتين المذكورتين مصير العلاّمة المجلسي كالمولى التستري ، إلى كون ابن الغضائري هو الأحمدَ ، وظاهر العبارة الثانية عدم اعتبار الأحمد إمّا لجهالته ، أو لكثرة جرحه .
ولعلَّ الأظهر الأخير بملاحظة قوله : «فالاعتماد على هذا الكتاب يُوجب ردّ أكثر أخبار الكتب المشهورة» ؛ حيث إنّ المقصود به أنّ كتاب الأحمد مشتمل على تضعيف أكثر رواة أخبار الكتب المشهورة ، فالاعتماد عليه يُوجب طرح أكثر أخبار الكتب المشهورة .

1.بحار الأنوار ۱۰۵ : ۱۵۹ و ۱۶۰ .

2.وفي المصدر : «الحسين بن عبيد اللّه بن إبراهيم الغضائري يُكنّى أبا عبد اللّه كثير السماع عارف بالرجال ، وله تصانيف ذكرناها في الفهرست سمعنا منه وأجاز لنا جميع رواياته» .

3.انظر مجمع الرجال ۲ : ۱۸۲ .

4.ميزان الاعتدال في نقد الرجال ۱ : ۵۴۱ . وفيه : «الحسين بن عبيد اللّه أبو عبد اللّه الغضائري شيخ الرافضة» .

5.في المصدر «المذهب» بدل «الحديث» .

6.خلاصة الأقوال : ۲۹۹ / ۲ .

7.منهج المقال : ۱۱۰ .

8.رجال السيّد بحر العلوم ۲ : ۲۹۵ .

9.حاوي الأقوال في معرفة الرجال ۱ : ۱۱۳ .

10.وأمّا كتاب الشيخ فرج اللّه فاسمه «إيجاز المقال» مخطوط .

11.عن الشيخ محمّد عند الكلام في عبد اللّه بن أيّوب بن راشد أنّ المتأخّرين يردّون قول ابن الغضائري بجهالة الحال ، وعند الكلام في إبراهيم بن عمر اليماني أنّ الظاهر أنّ ابن الغضائري هو الأحمد وحاله غير معلوم (منه عفي عنه) .

12.تعليقات الخلاصة ، مخطوط .

13.إضافة يقتضيها السياق .

14.نقد الرجال ۱ : ۱۱۹ / ۳۴ .

15.اُنظر تنقيح المقال ۱ : ۵۷ / ۳۳۹ .

16.الرواشح السماويّة : ۱۱۲ ـ ۱۱۳ ، الراشحة الخامسة والثلاثون .

17.الفوائد الرجاليّة للخواجوئي : ۳۰۷ .

18.منهج المقال : ۲۵ .

19.منهج المقال : ۱۱۰ .

20.مجمع الرجال ۲ : ۱۸۲ .

21.الفوائد الرجاليّة للخواجوئي : ۲۸۹ و مابعدها .

22.نفس المصدر : ۲۹۵ .

23.روضة المتّقين ۱۴ : ۳۳۰ و ۳۵۶ .

24.بحار الأنوار ۱ : ۲۲ ؛ وتعليقات أمل الأمل للتستري : ۱۳۷ .

25.بحار الأنوار ۱ : ۴۱ .

صفحه از 466