رسالة في ابن الغضائري - صفحه 377

[في أنّ ابن الغضائري اسمه أحمد ]

والأظهر ـ بل بلا إشكال ـ أنّه الأحمد لوجوه :
الأوّل : انّ الشيخ قال في خطبة الفهرست :
وبعد ، فإنّي لمّا رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث
عملوا فهرست كتب أصحابنا وما صنّفوه من التصانيف ، ورووه من الأُصول ، ولم أجد أحدا منهم استوفى ذلك ولا ذكر أكثره ، بل كلّ منهم كان غرضه أن يذكر ما اختصّ بروايته ، وأحاطت به خزانته من الكتب ، ولم يتعرّض أحدٌ منهم لاستيفاء جميعها إلاّ ما كان قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه رحمه الله ، فإنّه عمل كتابين : أحدهما ذكر فيه المُصنّفات ، والآخر ذكر فيه الأُصول والمصنّفات ۱ .
ومقتضى هذا ـ بانضمام أنَّ النجاشي ذكر للحسين في ترجمته كتبا ، ولم يعد منها كتاب الرجال ۲ ؛ بل قال السيّد الداماد : «لم يبلغني إلى الآنَ عن أحدٍ من الأصحاب أنّ له ـ يعني الحسين ـ في الرجال كتابا» ۳ ـ كونُ الأحمد صاحب الرجال.
وربّما يقال : إنّ الظاهر أنّ الأحمد المذكور ليس ابنَ الحسين بن عبيد اللّه المشهور ؛ لأنّ الشيخ كان تلميذ الحسين ويروي عنه كثيرا ، ويظهر من الكلام المذكور أنّ الشيخ لم يلق الأحمد ، فكيف يكون الحسين الغضائري أباه؟! فالأحمد المذكور ليس ابن الغضائري .
لكنّه يندفع : بأنّ المقصود بالشيخ في الكلام الآتي من الشيخ هو الأحمد ، ومُقتضاه الملاقاة ، وكون اسم الفهرست على حسب أمر الأحمد .
إلاّ أن يُقال : إنّه على هذا يلزم كون الأحمد معاصراً للشيخ ، والقيام برسم الفهرست من الشيخ على حسب أمر الأحمد مع المعاصرة بعيد .
لكنّه يندفع : بأنّ النجاشي عقَد عنوانا للشيخ ، وذكر الرجال والفهرست في تعداد كتبه .
وقال في ترجمة الصدوق : «له كتب منها كتاب دعائم الإسلام في معرفة الحلال
والحرام» ۴ ، وهو في فهرست الشيخ الطوسي ، وحكى في كثير من المواضع عن بعض ، وأراد بالبعض الشيخ الطوسي على ما ذكره السيّد السند النجفي ۵ .
مع أنّ العلاّمة في إجازته لبني زهرة ـ وهي مذكورة في جلد إجازات البحار نقلاً من خطّ المُجيز ، والجلد المذكور إنّما هو الجلد الخامس والعشرون آخر مُجلَّدات البحار ۶ ـ قد عدَّ النجاشي من مشايخ الشيخ الطوسي ۷ ؛ ولا أقلّ من معاصرة الشيخ الطوسي والنجاشي ؛ لاشتراكهما في عدّة مشايخَ ، ولا يتّفق مثل ما ذكر بالنسبة إلى المعاصر في أمثال هذه الأعصار غالبا ، إلاّ أنّ حالات السابقين كانت على ما يقضي به العقل والشرع المبين .
الثاني : أنّه قال في الخلاصة في ترجمة عمر بن ثابت : «ضعيف جدّا» ، قاله ابن الغضائري ، وقال في كتابه الآخر [طعنوا عليه من جهة ، وليس عندي كما زعموا وهو ثقة] ۸ .
وقال في ترجمة محمّد بن مصادف : «واختلف قول ابن الغضائري فيه ، ففي أحد الكتابين أنّه ضعيف وفي الآخر أنّه ثقة» ۹ .
وقال في ترجمة سليمان النجفي : «وقال ابن الغضائري» إلى آخره . . . وبعد هذا قال : «ثمّ قال في هذا الكتاب» ۱۰ . ومقتضى العبارات المذكورة ، كون ابن الغضائري صاحبِ الكتابين هو الأحمدَ المذكور في خطبة الفهرست بكونه صاحبَ الكتابين ، فالظاهر كون ابن الغضائري هو الأحمدَ .
الثالث : أنّه قال العلاّمة في الخلاصة في ترجمة أحمد بن عليّ الخضيب ۱۱ في القسم الثاني : «قال ابن الغضائري : حدّثني أبي أنّه كان في مذهبه ارتفاع» ۱۲ ، ومقتضاه كون ابن الغضائري هنا هو الأحمدَ ؛ إذ والد الحسين ـ أعني عبيد اللّه ـ لم يذكر في الرجال ، والظاهر أنّه لم يكن ممّن له قول ، والظاهر وحدة المراد في عموم الموارد والموادّ .
الرابع : انّه ذكر صاحب المعالم في ديباجة التحرير الطاووسي :
أنّ كتاب ابن طاووس كان منحصرا في خطّه ، وتطرّق الضياع على بعض أجزائه ، وكان كتابه تلخيصا لعدّة كتب إلاّ أنّ ما عدا كتاب ابن الغضائري كان موجودا ، والحاجة إلى كتاب ابن الغضائري قليلة ، لكونه مقصورا على ذكر الضعفاء ۱۳ .
وأمّا الكتاب المختصر من كتاب الكشّي للشيخ رحمه الله ، فهو ـ باعتبار اشتماله على الأخبار المتعارضة من دون تعرّض لوجه الجمع بينها ـ محتاج إلى التحرير والتحقيق ، ومع ذلك ليس بمبوّب ، فتحصيل المطلوب منه عسر ، فعنى السيّد رحمه الله بتبويبه وتهذيبه ، وبحث عن أكثر أخباره متنا وإسنادا ، وضمّ إليه فوائد شريفة في تضاعيف الأبواب ، قال : فرأيت الصواب انتزاعه من باقي الكتاب وجمعه كتابا مفردا ۱۴ .
وحكى أنّ السيّد قال في أثناء خطبة كتابه :
وقد عزمت على أن أجمع في كتابي أسماء الرجال المُصنِّفين وغيرهم ـ إلى أن قال : ـ من كتب خمسة : كتاب الرجال لشيخنا أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي،وكتاب فهرست المُصنّفين له ، وكتاب اختيار
الرجال من كتاب الكشّي أبو عمرو محمّد بن [عبد]العزيز له ، وكتاب أبي الحسين أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي ، وكتاب أبي الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري في ذكر الضعفاء خاصّة ۱۵ .
وحكى المولى التقيّ المجلسي عن السيّد أنّه قال في كتابه مرارا : «و في كتاب أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري المقصور على [ذكر] الضعفاء» ۱۶ .
ومقتضى ما ذكره صاحب المعالم بنفسه من كون كتاب ابن الغضائري مقصورا على الضعفاء ، بعد إظهار قلّة الحاجة إليه ۱۷ وكذا ما ذكره السيّد في آخر عبارته المحكيّة المذكورة ، من كون «كتاب ابن الغضائري مقصورا على الضعفاء» ۱۸ وكذا ما نقله في التوضيح عن ابن طاووس في آخر كتابه قائلاً : «أقول : إنّ أحمد بن الحسين ـ على ما يظهر لي ـ هو ابن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري ۱۹ وكذا ما يأتي من الشهيد الثاني في الدراية من كون كتاب ابن الغضائري مقصورا على الضعفاء ۲۰
ـ كونُ ۲۱ الأحمد صاحبَ الرجال .
والنجاشي عدّ كتب والده ـ أعني الحسين ـ ولم يعدّ منها الرجال كما مرَّ ، فالظاهر أنّ المحكيّ عنه في التراجم هو الأحمد .

1.الفهرست : ۱ ـ ۲ .

2.رجال النجاشي : ۶۹ .

3.الرواشح السماويّة : ۱۱۲ ، الراشحة الخامسة والثلاثون .

4.الفهرست : ۱۵۷ / ۶۹۵ .

5.رجال السيّد بحر العلوم ۲ : ۴۶ ـ ۴۷ .

6.على حسب الطبعة الحجرية القديمة .

7.بحار الأنوار ۱۰۷ : ۱۳۷ .

8.خلاصة الأقوال : ۲۴۱ / ۱۰ . ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر .

9.الخلاصه : ۲۵۶ / ۵۶ .

10.نفس المصدر : ۲۲۵ / ۲ .

11.قوله : الخضيب بالخاء المُعجمة والضاد المُعجمة (منه عفي عنه) .

12.خلاصة الأقوال : ۲۰۴ / ۱۴ .

13.التحرير الطاووسي : ۵ .

14.التحرير الطاووسي : ۴ .

15.التحرير الطاووسي : ۴ و ۵ .

16.روضة المتّقين : ۱۴ / ۳۵۷ . والزيادة من المصدر .

17.التحرير الطاووسي : ۴ .

18.نفس المصدر .

19.توضيح الاشتباه للساروي : ۱۳۰ / ۵۵۰ .

20.الدراية : ۶۳ .

21.هذا خبر «مقتضى» وما عُطف عليه .

صفحه از 466